وعن أبي حسان الأعرج أن رجلين دخلا على عائشة رضي الله عنها فقالا:
إن أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار "، فطارت شفقا ثم قالت: كذب والذي أنزل القرآن على أبي القاسم، من حدث بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم! إنما قال رسول الله - كان أهل الجاهلية يقولون: إن الطيرة في الدابة والمرأة والدار، ثم قرأت: " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها " (1).
وأنكر عليه ابن مسعود قوله: من غسل ميتا، ومن حمله فليتوضأ - وقال فيه قولا شديدا ثم قال: يا أيها الناس لا تنجسوا من موتاكم (2).
وروى محمد بن الحسن عن أبي حنيفة أنه قال: أقلد من كان من القضاة المفتين من الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والعبادلة الثلاثة ولا أستجيز خلافهم برأيي إلا ثلاثة نفر - وفي رواية - أقلد جميع الصحابة ولا أستجيز خلافهم برأيي إلا ثلاثة نفر (أنس بن مالك وأبو هريرة وسمرة بن جندب) فقيل له في ذلك فقال:
أما أنس فاختلط في آخر عمره وكان يستفتى فيفتي من عقله، وأنا لا أقلد عقله، وأما أبو هريرة فكان يروي كل ما سمع من غير أن يتأمل في المعنى ومن غير أن يعرف الناسخ من المنسوخ (3) ".
وروى أبو يوسف قال: قلت لأبي حنيفة: الخبر يجيئني عن رسول الله يخالف قياسنا، ما نصنع به؟ فقال: إذا جاءت به الرواة الثقات عملنا به وتركنا الرأي.
فقلت: ما تقول في رواية أبي بكر وعمر؟ قال ناهيك بهما. فقلت: وعلي وعثمان؟
قال: كذلك. فلما رآني أعد الصحابة - قال: والصحابة كلهم عدول ما عدا رجالا. وعد منهم أبا هريرة وأنس بن مالك (4).