وذكر ملا علي القارئ في الموضوعات عن ابن الصلاح أنه قال: أقوى ما روينا في الأبدال قول علي: إنه بالشام يكون الأبدال. هذا يوافق ما قاله ابن تيمية في رسالته (1) في أهل الصفة والصوفية من جهة الرواية، وأما ما حققه شيخ الإسلام في المسألة من جهة الدراية فهو غاية الغايات.. ونذكر هنا بعض جمل مما قال: قال رحمه الله تعالى:
(فصل) وأما الأسماء الدائرة على ألسنة كثير من النساك والعامة مثل الغوث الذي يكون بمكة والأوتاد الأربعة، والأقطاب السبعة والأبدال الأربعين والنجباء الثلثمائة - فهذه الأسماء ليست موجودة في كتاب الله تعالى ولا هي مأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح ولا ضعيف محتمل، إلا لفظ الأبدال فقد روي فيهم حديث شامي منقطع الإسناد عن علي بن أبي طالب، مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال " إن فيهم - يعني أهل الشام - الأبدال أربعين رجلا كلما مات رجل أبدله الله مكانه رجلا " ولا توجد هذه الأسماء في كلام السلف كما هي على هذا الترتيب... إلخ، ثم ذكر أن لفظ الغوث والغياث لا يستحقه إلا الله تعالى - ثم تكلم شيخ الإسلام في مسألة الأوتاد والقطب بكلام معقول موافق للغة، وعاد إلى الأبدال فقال " فأما الحديث المرفوع فالأشبه أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فإن الإيمان كان بالحجاز واليمن قبل فتوح الشام وكانت الشام والعراق دار كفر، ثم في خلافة علي قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " تمرق مارقة على خير فرقة من المسلمين تقتلهم أولى الطائفتين بالحق " فكان علي وأصحابه أولى بالحق ممن قاتلهم من أهل الشام ".
ثم عاد السيد رشيد رحمه الله فقال: " إن سبب ما ورد من الأثر المروي عن علي رضي الله عنه هو أن بعض جماعته كانوا يسبون أهل الشام، فنهاهم عن ذلك الإطلاق وقال: إن فيهم الأبدال، أي أن الله تعالى يبدل من أنصار معاوية غيرهم أو ما هذا معناه، فزاد فيه الرواة المتزلفون لبني أمية، ثم الصوفية، ما زادوا