كلامه في علم التصوف من مقدمة تاريخه، بعد أن بين منشأ التصوف وحال أهله في علمهم وعملهم، ما نصه (1):
" ثم إن هؤلاء المتأخرين من المتصوفة المتكلمين في الكشف وفيما وراء الحس توغلوا في ذلك فذهب الكثير منهم إلى الحلول والوحدة. وملأوا الصحف منه، مثل الهروي وغيره وتبعهم ابن العربي وابن سبعين وتلميذهما ابن العفيف... وكان سلفهم مخالطين للإسماعيلية المتأخرين من الرافضة الدائنين أيضا بالحلول وإلهية الأئمة.
مذهبا لم يعرف لأولهم فأشرب كل واحد من الفريقين مذهب الآخر، واختلط كلامهم وتشابهت عقائدهم وظهر في كلام المتصوفة القول بالقطب ومعناه رأس العارفين يزعمون أنه لا يمكن أن يساويه أحد في مقامه في المعرفة حتى يقبضه الله، ثم يورث مقامه لآخر من أهل العرفان. ثم قالوا بترتيب وجود الأبدال بعد هذا القطب، كما قاله الشيعة في النقباء، حتى إنهم لما أسندوا لباس خرقة التصوف ليجعلوه أصلا لطريقتهم وتخليهم، رفعوه إلى علي رضي الله عنه، وهو من هذا المعنى أيضا، وإلا فعلي رضي الله عنه لم يختص من بين الصحابة بتخلية ولا طريقة في لباس ولا حال، بل كان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أزهد الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثرهم عبادة، ولم يختص أحد منهم في الدين بشئ يؤثر عنه في الخصوص، بل كان الصحابة كلهم أسوة في الدين والزهد والمجاهدة - ثم إن كثيرا من الفقهاء وأهل الفتيا انتدبوا للرد على هؤلاء المتأخرين في هذه المقالات وأمثالها وشملوا بالنكير سائر ما وقع لهم في الطريقة ".
وأما أهل الحديث المحققون فقد تكلموا في أسانيد هذه الأحاديث (2) فالحافظ ابن الجوزي حكم بوضعها - وتابعه شيخ الإسلام ابن تيمية - وكذلك السخاوي، وهو والسيوطي من تلاميذ الحافظ ابن حجر، إلا أن الأول أدق وأدنى إلى التحقيق وقد قال خبر الأبدال له طرق بألفاظ مختلفة كلها ضعيفة. وهذا القول أصح من كلام ابن حجر نفسه: منها ما يصح ومنها ما لا يصح! " وبعد أن فند السيد رشيد هذه الأحاديث حديثا حديثا قال: