أضواء على السنة المحمدية - محمود أبو رية - الصفحة ١٢٢
أبي حنيفة، وقال، موضوع وضعه محمد بن سعيد المروزي البورقي، ثم قال: هكذا حدث به في بلاد خراسان ثم حدث به في العراق وزاد فيه " وسيكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس فتنته أضر على أمتي من فتنة إبليس " قالوا وهذا الإفك لا يحتاج إلى بيان بطلانه - ومع هذا تجد الفقهاء المعتبرين يذكرون في كتبهم الفقهية شق الحديث الذي يصف أبا حنيفة بأنه سراج الأمة (1) ويسكنون عليه، بل يستدلون به على تعظيم إمامهم على سائر الأئمة، وهم مع هذا قدوة الأمة الذين يؤخذ بأقوالهم في الدين، ويتركون لهم الكتاب والسنة لأنهما على قولهم يختصان بالمجتهدين.
قال أبو العباس القرطبي في شرح صحيح مسلم: أجاز بعض فقهاء أهل الرأي نسبة الحكم الذي دل عليه القياس الجلي إلى رسول الله نسبة قولية، فيقولون في ذلك:
قال رسول الله: كذا، ولهذا نرى كتبهم مشحونة بأحاديث تشهد متونها بأنها موضوعة لأنها تشبه فتاوى الفقهاء، ولا تليق بجزالة كلام سيد المرسلين ولأنهم لا يقيمون لها إسنادا.
وقال أبو شامة في كتابه مختصر كتابه المؤمل:
مما يفعله شيوخ الفقه في الأحاديث النبوية والآثار المروية كثرة استدلالهم بالأحاديث الضعيفة على ما يذهبون إليه نصرة لقولهم، وينقصون في ألفاظ الحديث وتارة يزيدون فيه، وما أكثره في كتب أبي المعالي وصاحبه أبي حامد (2).
ثالثها - الغفلة عن الحفظ اشتغالا عنه بالزهد والانقطاع للعبادة: وهؤلاء العباد والصوفية يحسنون الظن بالناس ويعدون الجرح من الغيبة المحرمة، ولذلك راجت عليهم الأكاذيب وحدثوا عن غير معرفة ولا بصيرة.. فيجب ألا يعتمد على الأحاديث التي حشيت بها كتب الوعظ والرقائق والتصوف من غير بيان

(١) اضطرت الشافعية إزاء ذلك إلى أن يرووا في إمامهم حديثا يفضلونه على كل إمام وهذا نصه: قال رسول الله عليه وسلم: " أكرموا قريشا فإن عالمها يملأ طباق الأرض علما! ".
وأنصار الإمام مالك لم يلبثوا أن وضعوا في إمامهم هذا الحديث: " يخرج الناس من المشرق إلى المغرب فلا يجدون أعلم من عالم أهل المدينة " ثم حديث آخر عن أبي هريرة بهذا المعنى - راجع كتاب الانتقاء لابن عبد البر.
(٢) ص ٢١.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»
الفهرست