الرواة إلى أن يرووا (بالمعنى)، ومنها أنهم كانوا " يدلسون " فيروي الصحابي حديث رسول الله عن صحابي آخر من غير أن يذكر اسم من روى عنه - وكانوا لا يرون في ذلك بأسا، كما ذكر ذلك ابن قتيبة، إذ قال في كتابه " تأويل مختلف الحديث " (1) وهو يتكلم عن روايات أبي هريرة التي لم يسمعها من النبي: إنه كان يقول:
قال رسول الله " كذا " وإنما سمعه من الثقة " عنده " فحكاه، وكذلك كان ابن عباس يفعل وغيره من الصحابة. ومثل هذه الرواية يسميها رجال الحديث في علمهم " بالتدليس " وقد قال الحافظ الذهبي وهو يؤرخ لأبي هريرة " كان أبو هريرة يدلس " وتدليس الصحابة " كثير ولا عيب فيه " (2).
وقد بينا هذه العلل من قبل في كتابنا هذا وفي كتابنا " شيخ المضيرة " الذي طبعناه على حدة وأظهرنا أضرارها، ولكن ثم علة خطيرة لم نتكلم عنها من قبل كشف عنها الصحابي الكبير - عمران بن حصين (3) في كلامه الذي أقسم عليه:
إذ قال: " والله إن كنت لأرى أني لو شئت لحدثت عن رسول الله يومين متتابعين، ولكن بطأني عن ذلك، أن رجالا من أصحاب رسول الله سمعوا كما سمعت، وشهدوا كما شهدت، ويحدثون أحاديث ما هي كما يقولون، وأخاف أن يشبه لي كما شبه لهم، فأعلمك أنهم كانوا يغلطون - وفي رواية - يخطئون - لا أنهم كانوا يتعمدون (4).
وروى ابن الجوزي في كتاب " شبهة التشبيه (5) " قال: سمع الزبير (ابن العوام) رجلا يحدث، فاستمع الزبير حتى قضى الرجل حديثه، فقال له الزبير:
أنت سمعت هذا من رسول الله؟ فقال الرجل: نعم!! فقال الزبير: هذا وأشباهه