مما يمنعاني أن أتحدث عن النبي! قد لعمري سمعت هذا من رسول الله، وأنا يومئذ حاضر ولكن رسول الله ابتدأ بهذا الحديث فحدثناه عن رجل من أهل الكتاب حديثه يومئذ فجئت أنت بعد انقضاء صدر الحديث - وذكر الرجل الذي هو من أهل الكتاب فظننت أنه من حديث رسول الله!!
وقال بسر بن سعيد اتقوا الله وتحفظوا في الحديث، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويحدثنا عن كعب، ثم يقوم فأسمع بعض من كان معنا، يجعل حديث رسول الله عن كعب، ويجعل حديث كعب عن رسول الله (1).
هذا ما ذكره عمران بن حصين، والزبير بن العوام، وبسر بن سعيد، وإن على كل مسلم مفكر غير مغلول العقل، أن يتدبره، ويطيل النظر فيه.
فالصحابي عمران بن حصين يقسم بالله أنه لو شاء لحدث عن رسول الله يومين متتابعين ولكنه يأبى، لأنه رأى رجالا من من أصحاب رسول الله، يحدثون أحاديث ما هي كما يقولون، وإنما يغلطون - أو يخطئون - فإذا كان هذا شأن غير المتعمدين من الصحابة الصادقين - فترى ماذا يكون أمر المتعمدين، ومن إليهم من المنافقين وأعداء الدين؟ إنها والله في الرواية لإحدى الكبر! ومن يبصر الناس بذلك يقولون عنه: إنه قد كفر.
ويصف الزبير علة أخرى، هي أن يسمع بعضهم الحديث من النبي - بعد انقضاء صدر منه ثم يخرج فيروي ما سمعه - على أنه حديث كامل.
ثم يأتي بسر بن سعيد، فينا شد الناس، أن يتقوا الله في الحديث لأن بعضهم كان يجعل حديث رسول الله عن كعب الأحبار ويجعل حديث كعب عن رسول الله وكل ذلك وغيره قد حملته بطون الكتب، وبقي على وجه الزمن، يرويه الخلف عن السلف إلى يوم القيامة - ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وثم كلام كثير في التحفظ من الحديث تجده مسطورا في كتابنا " شيخ المضيرة " فارجع إليه.