ولا حاجة إلى التصريح هذا وسيجئ تتمة لهذه الحكم في بحث النجاسات إنشاء الله تعالى وإذا قد ثبت وجوب غسل مخرج البول بالماء فلنذكر أقل ما يجزي منه فنقول قد ذهب الشيخ في المبسوط والنهاية إلى أن أقل ما يجزي مثلا ما على رأس الحشفة وهو مذهب شيخه (ره) أيضا في المقنعة وتبعه المحقق في المعتبر والعلامة في القواعد والتذكرة ونسب إلى أبي الصلاح القول بأن أقل ما يجزي ما أزال العين عن رأس الفرج وهو مختار العلامة في المنتهى والمختلف وقال ابن إدريس (ره) في السرائر وأقل ما يجزى من الماء لغسله ما يكون جاريا ويسمى غسلا والظاهر أن مختار أبي الصلاح وابن إدريس واحد وهو وجوب الإزالة بما يسمى غسلا سواء كان مثلين أو أزيد أو انقص كما صرح به في المختلف وقال أنه ظاهر ابن البراج أيضا والظاهر القول الأخير لنا الروايات السابقة من حيث إطلاق الامر فيها بالغسل والصب من دون تقييد والأصل براءة الذمة من الزايد حتى يثبت وكذا الروايات الأخرى الامرة بالغسل مطلقا من دون تقييد ولا حاجة إلى ذكرها ويدل عليه أيضا ما رواه التهذيب في باب آداب الاحداث في الحسن عن ابن المغيرة عن أبي الحسن (عليه السلام) قال قلت له للاستنجاء حد قال لا ينقي ما ثمة قلت فإنه ينقي ما ثمة ويبقى الريح قال الريح لا ينظر إليها وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب القول عند دخول الخلاء واحتج الشيخ بما رواه في باب آداب الاحداث في التهذيب عن نشيط بن صالح عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سئلته كم يجزي من الماء في الاستنجاء من البول فقال بمثلي ما على الحشفة من البلل وفيه أن الرواية غير صحيحة السند فلا يوجب تقييد ما ذكرنا مع أنها معارضة بما رواه أيضا في هذا الباب عن نشيط المذكور عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال يجزي من البول أن يغسله بمثله ثم أن في المقام اشتباها لا بد من إيضاحه وهو أنه لا يدري أن المراد من المثلين ماذا أهو مثلا البلل الذي على رأس الحشفة أو مثلا القطرة التي تبقى على رأسها غالب الامر بعد انقطاع البول وأيضا المراد منه الدفعتان أو لا ففيه أربعة احتمالات الأول وجوب مثلي البلل دفعتين والثاني وجوبه لا كذلك والثالث وجوب مثلي القطرة دفعتين والرابع وجوبه لا كذلك فإن كان المراد الأول ففيه أن بعد تسليم صحة الرواية لا دلالة لها على المدعى إذ لا ظهور لها في كون المثلين دفعة أو دفعتين وهو ظاهر وقد يستدل عليه بما ورد في الروايات من أن البول إذا أصاب الجسد يصب عليه الماء مرتين كما سيجئ إنشاء الله تعالى وفيه منع شمولها للحشفة ظاهرا بل لا يبعد دعوى الظهور في اختصاصها بغيرها كما يحكم به الوجدان ومع ظهور الشمول أيضا قد عرفت أن للكلام في وجوب حمل المطلق على المقيد مطلقا محالا فحينئذ لا نسلم أولوية تقييد روايات وجوب الغسل مطلقا بها فهلا يخصصونها بغير الحشفة ومع تساوى الامرين الأصل معنا تدبر ويرد أيضا على هذا المذهب أي الاجتزاء بمثلي البلل مع وجوب كونهما دفعتين أن الغسل إنما يتحقق إذا ورد الماء على محل النجاسة شاملا له مع الغلبة والجريان وذلك منتف مع كل واحد من المثلين لان المماثل للبلل الذي على الحشفة لا يكون غالبا عليه وإن كان المراد الثاني فنقول إن كان الامر في الواقع إن كل ما يكون بقدر المثلين إنما يصدق عليه الغسل ويزيل النجاسة وبدونه لا يصدق فنعم الوفاق ويرفع النزاع وهو ظاهر وإن لم يكن كذلك بل قد يتخلف الحكم فإن كان المتخلف الحكم الأول فيرد على هذا المذهب حينئذ إن الاجتزاء بالمثلين الذي لا يصدق عليه الغسل بمجرد هذه الرواية الغير الصحيحة لا وجه له بعد ورود تلك الروايات الكثيرة الصحيحة بالغسل والصب مع أن في دلالة الرواية حينئذ أيضا نظرا لجواز حملها على مثلي القطرة لا البلل وإن كان المتخلف الثاني فيرد ما قدمنا من إطلاق الأوامر وبرائة الذمة عن الزائد حتى يثبت بمجرد هذه الرواية لم يثبت لكن لا يخفى أن الاحتياط في هذه الصورة في العمل بهذه الرواية لأن عدم صحتها منجبر بالشهرة بين الأصحاب وإن كان المراد الثالث فإن كان يصدق الغسل على كل من القطرتين البتة فما يرد عليه حينئذ هو أن الرواية لا دلالة لها على العدد المدعى أما أولا فلجواز أن يكون المراد بها مثلي البلل وأما ثانيا فلعدم دلالتها على وجوب الدفعتين حقيقة أو تقديرا فلو تمسك بالروايات الدلالة على المرتين فجوابه ما ذكرنا ويعارض حينئذ أيضا بالروايات الدالة على الاكتفاء بمطلق الغسل والنقاء وإن لم يصدق فحاله يظهر مما ذكرنا في ثاني شقي القسم الثاني وإن كان المراد الرابع فحاله كحال الثاني بعينه فقس عليه هذا وبما ذكرنا ظهر قوة ما ذهبنا إليه لكن الاحتياط أن يغسل مرتين مع الفصل للخروج يقينا عن عهدة الأوامر الواردة بالمرتين في البول مطلقا مع أن ظاهر عبارة المعتبر يشعر بالاجماع عليه ويراعى مع ذلك كونه بقدر مثلي القطرة أو أزيد لاحتمال هذه الرواية ولا يبعد القول أيضا باستحباب الغسل ثلث مرات لما رواه التهذيب في باب آداب الاحداث في الزيادات في الصحيح عن زرارة قال كان يستنجى من البول ثلاث مرات ومن الغايط بالمدر والخرق لظهور أن الضمير في مكان راجع إلى الإمام (عليه السلام) واعلم أن المصنف (ره) قال في الذكرى ويجزي مثلاه مع الفصل للخبر مع أنه اكتفى في تحقق المرتين في غير الاستنجاء بالانفصال التقديري ووجهه المحقق الشيخ على (ره) في شرح القواعد أن مراده وجوب الانفصال على تقدير الاكتفاء بالمثلين لان المثلين مع عدم الانفصال إنما يعد غسلا واحدا مع أنه لا بد من التعدد وأما إذا لم يكتف به فلا يحتاج إلى الانفصال بل لو عد غسلين تقدير لكفى ولا يخفى أن وجوب التعدد كأنه بناء على الروايات الواردة بالمرتين وإلا فهذه الرواية لا دلالة لها عليه فإن قلت ما معنى عبارة المتن وعلى أي الاحتمالات تحمل قلت الظاهر أن مراده وجوب الغسلتين أحديهما مزيلة للعين والثانية واردة بعد الإزالة فإن تحقق هذا المعنى بدون الانفصال الحقيقي فكفى وإلا فلابد منه وهذا كما هو مختارة في
(٧٣)