ثلاثة أسواط والمراد ضربه ثلاث مرات ولو بسوط واحد وقد يقال بالفرق بين وجود الباء وعدمه إذ مع وجود الباء يظهر في التعدد وليس بقوي لشيوع الاستعمال مع الباء أيضا بذلك المعنى ويؤيده أيضا أن بعض الروايات ورد بلفظ المسحات كما نقل عنه (عليه السلام) أنه قال إذا جلس أحدكم بحاجته فليمسح ثلاث مسحات وثانيا يمنع دلالتها على الوجوب إذا لو لم يكن لفظه السنة ظاهرة في الاستحباب فلا أقل من عدم ظهورها في الوجوب وما روي عن سلمان (رض) أنه قال نهانا رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار فغير صالح للتعويل لجهالة سنده مع أن لفظ النهي أيضا ليس صريحا في التحريم وكذا ما روى عنه أيضا لا يستنجي أحدكم بدون ثلاثة أحجار وفي رواية ابن المنذر لا يكفي أحدكم دون ثلاثة أحجار والجواب عن الثاني بمنع حجية الاستصحاب ولما كان أصل الاستصحاب كثيرا ما يستعمله الأصحاب في الأحكام الشرعية ويبنون عليه المسائل وفي تحقيق معناه وإثبات حجية بعض من الأبحاث كثيرة النفع في الترجيحات فلا بأس أن نذكر فيه نبذا من القول على سبيل الاجمال وإن لم يكن هنا موضعه إذ هو في الأصول اعلم أن القوم ذكروا أن الاستصحاب إثبات حكم شرعي في زمان لوجوده في زمان سابق عليه وهو ينقسم إلى قسمين باعتبار انقسام الحكم المأخوذ فيه إلى شرعي وغيره فالأول مثل ما إذا ثبت حكم شرعي بنجاسة ثوب أو بدن مثلا في زمان فيقولون أن بعد ذلك الزمان أيضا يجب الحكم بالنجاسة إذا لم يحصل اليقين بما يرفعها والثاني مثل ما إذا ثبت رطوبة ثوب في زمان فبعد ذلك الزمان أيضا يحكم برطوبته ما لم يعلم الجفاف وذهب بعضهم إلى حجيته بقسميه وبعضهم إلى حجية القسم الأول فقط واستدل كل من الفريقين بدلايل كلها مذكورة في محلها قاصرة عن إفادة المرام كما يظهر عند التأمل فيها ولم نتعرض لذكرها ها هنا بل نشير إلى ما هو الظاهر عندنا في هذا الباب فنقول الظاهر أن الاستصحاب بهذا المعنى لا حجية فيه بكلا قسميه أصلا إذ لا دليل عليه تاما لا عقلا ولا نقلا نعم الظاهر حجية الاستصحاب بمعنى آخر وهو أن يكون دليل شرعي على أن الحكم الفلاني بعد تحققه ثابت إلى حدوث حال كذا أو وقت كذا مثلا معين في الواقع بلا اشتراطه بشئ أصلا فحينئذ إذا حصل ذلك الحكم فيلزم الحكم باستمراره إلى أن يعلم وجود ما جعل مزيلا له ولا يحكم بنفيه بمجرد الشك في وجوده والدليل على حجيته أمران الأول أن ذلك الحكم أما وضعي أو اقتضائي أو تخييري ولما كان الأول أيضا عند التحقيق يرجع إليهما فينحصر في الأخيرين وعلى التقديرين يثبت ما ذكرنا أما على الأول فلانه إذا كان أمر أو نهى بفعل إلى غاية مثلا فعند الشك في حدوث تلك الغاية لو لم يتمثل التكليف المذكور لم يحصل الظن بالامتثال والخروج عن العهدة وما لم يحصل الظن لم يحصل الامتثال فلا بد من بقاء ذلك التكليف حال الشك أيضا وهو المطلوب وأما على الثاني فالامر أظهر كما لا يخفى والثاني ما ورد في الروايات من أن اليقين لا ينقض بالشك فلن قلت هذا كما يدل على حجية المعنى الذي ذكرته كذلك يدل على حجية ما ذكره القوم لأنه إذا حصل اليقين في زمان فينبغي أن لا ينقض في زمان آخر بالشك نظرا إلى الرواية وهو يعنيه ما ذكروه قلت الظاهر أن المراد من عدم نقض اليقين بالشك أنه عند التعارض لا ينقض به والمراد بالتعارض أن يكون شئ يوجب اليقين لولا الشك وفيما ذكروه ليس كذلك لان اليقين بحكم في زمان ليس ما يوجب حصوله في زمان آخر لولا عروض شك وهو ظاهر فإن قلت هل الشك في كون شئ مزيلا للحكم مع اليقين بوجود كالشك في وجود المزيل أولا قلت فيه تفصيل لأنه إن ثبت بالدليل أن ذلك الحكم مستمر إلى غاية معينة في الواقع ثم علمنا حصولها عند حصول شئ وشككنا في حصولها عند حصول شئ آخر؟
فحينئذ لا ينقض اليقين بالشك وأما إذا لم يثبت ذلك بل إنما شئت أن ذلك الحكم مستمر في الجملة ويزيله الشئ الفلاني وشككنا في أن الشئ الآخر أيضا يزيله أم لا فحينئذ لا ظهور في عدم نقض الحكم وثبوت استمراره إذ الدليل الأول ليس بجار فيه لعدم ثبوت حكم العقل في مثل هذه الصورة خصوصا مع ورود بعض الروايات الدالة عل عدم المؤاخذة بما لا يعلم والدليل الثاني الحق أنه لا يخلو من إجمال وغاية ما يسلم منه إفادة الحكم في الصورتين اللتين ذكرناهما وإن كان فيه بعض المناقشات لكن لا يخلو من تأييد للدليل الأول فتأمل فإن قلت الاستصحاب الذي يدعونه فيما نحن فيه وأنت قد صنعت حجيته الظاهر أنه من قبيل ما اعترفت بحجيته لان حكم النجاسة ثابت ما لم يحصل مطهر شرعي إجماعا وهاهنا لم يحصل الظن المعتبر شرعا بوجود المطهر لان حسنة ابن المغيرة و موثقة ابن يعقوب ليستا حجة شرعية خصوصا مع معارضتهما بالروايات كما تقدم فغاية الامر حصول الشك بوجود المطهر وهو لا ينقض اليقين كما ذكرت فما وجه المنع قلت كونه من قبيل الثاني ممنوع إذ لا دليل على أن النجاسة ثابته ما لم يحصل مطهر شرعي وما ذكره من الاجماع غير معلوم لان غاية ما أجمعوا عليه أن بعد التغوط لا يصح الصلاة مثلا بدون الماء والتمسح رأسا لا بثلاثة أحجار متعددة ولا بشعب حجر واحد وهذا الاجماع لا يستلزم الاجماع على ثبوت حكم النجاسة حتى يحدث شئ معين في الواقع مجهول عندنا قد اعتبره الشارع صلى الله عليه وآله مطهرا فلا يكون من قبيل ما ذكرنا فإن قلت هب أنه ليس داخلا تحت الاستصحاب المذكور لكن نقول أنه قد ثبت بالاجماع وجوب شئ على المتغوط في الواقع وهو مردد بين أن يكون المسح بثلاثة أحجار متعددة أو الأعم منه ومن المسح بجهات حجرا واحد فما لم يأت بالأول لم يحصل اليقين بالامتثال والخروج عن العهدة فيكون الاتيان به واجبا قلت الاجماع على وجوب شئ معين في الواقع منهم في نظره عليه بحيث لو لم يأت بذلك الشئ للعين لا مستحق العقاب به