صريح فيما نسب إليه المصنف وقال سلار على ما في المختلف وليجلس غير مستقبل القبلة ولا مستدبرها وإن كان في موضع قد بنى على استقبالها أو استدبارها فلينحرف في تعوده هذا إذا كان في الصحارى والفلوات وقد رخص ذلك في الدور وتجنبه أفضل وهذا هو الموافق لما نسب المصنف (ره) إلى المفيد وأما المفيد (ره) فقد فقال في المقنعة ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولكن يجلس على استقبال المشرق إن شاء أو المغرب ثم قال بعد ذلك وإذا دخل الانسان دارا قد بنى فيها مقعده للغايط على استقبال القبلة أو استدبارها لم يضره ذلك وإنما يكره ذلك في الصحارى والمواضع التي يمكن فيها الانحراف عن القبلة انتهى والعلامة (ره) في المختلف نزل هذه العبارة على مذهب ابن الجنيد وكأنه لحمله لفظة الكراهة على معناها المتعارف وفي المنتهى حكم بموافقة المفيد (ره) لسلار كما في هذا الكتاب وهذا البناء على حمل الكراهة في كلامه على التحريم وأنت خبير بإمكان حمل عبارة المقنعة على المذهب المشهور بحمل الكراهة على التحريم كما هو الشايع في عباراتهم وارتكاب تقييد في العبارة كما يرتكب في عبارة المبسوط ولو لم يرتكب التقييد لكان الأولى حملها على مذهب رابع سوى المشهور ومذهبي ابن الجنيد وسلار بل مذهب موافق للمبسوط لو لم يرتكب التقييد فيه أيضا وأما حملها حينئذ على مذهب سلار كما في هذا الكتاب والمنتهى والمعتبر وظاهر الذكرى فبعيد جدا لوجود بعض التقييدات فيها ليس في كلام سلار إلا أن يقال كان استادهم هذا المذهب إلى المفيد ليس من جهة عبارة المقنعة لكنه بعيد وبما ذكرنا في حمل الكراهة في كلامه على التحريم يمكن استنباط الحال عند حملها على المعنى المصطلح أيضا فتأمل الظاهر عدم التحريم مطلقا كما ذهب إليه ابن الجنيد والكراهة كذلك أما عدم التحريم فللأصل وعدم دليل ظاهر في الحرمة كما سيظهر عند الجواب عن أدلتها وأما الكراهة فلدلايل الحرمة التي سنذكرها وسنذكر أيضا عدم دلالتها على التحريم فيحمل على الكراهة واحتج المشهور بأن القبلة محل التعظيم ولهذا أوجب استقبالها في الصلاة فناسب تحريم استقبالها بالحدث ولأن فيه تعظيما لشعاير الله وضعف الوجهين ظاهرا لان الأول من باب القياس المردود وعموم تعظيم شعاير الله إلى حد يشمل هذا أيضا ممنوع لا بد له من دليل وأنى لهم بذلك واحتج أيضا بما رواه التهذيب في باب آداب الاحداث عن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن علي (عليه السلام) قال قال لي النبي (صلى الله عليه وآله) إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولكن شرقوا أو غربوا والجواب عنه أما أولا فبالقدح في السند وثانيا بعد ظهور النهي في التحريم في كلامهم (عليهم السلام) خصوصا مع مقارنته بشرقوا أو غربوا الظاهر في الاستحباب عند القائلين بالتحريم أيضا لأنهم لم يعلم منهم القول بوجوب التشريق والتغريب سوى ما نقل عن واحد من المتأخرين فينبغي أن يحمل هو أيضا على الكراهة لموافقة القرائن وبما رواه أيضا في هذا الباب عن ابن أبي عمير عن عبد الحميد بن أبي العلاء أو غيره رفعه قال سئل الحسن بن علي (عليه السلام) ما حد الغايط قال لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها وهذه الرواية في الكافي أيضا في باب المواضع التي يكره أن يتغوط فيها لكن فيه سئل أبو الحسن (عليه السلام) وهذه الرواية في الفقيه أيضا في باب ارتياد المكان للحدث وفيه أيضا القدح في السند لان مراسيل ابن أبي عمير وإن سلم مقبوليتها فإنما هو فيما إذا كان الارسال منه ولم يظهر فيما نحن فيه كون الارسال منه بل الظاهر أنه ممن يروي هو عنه وأيضا الارسال الاخر يحتمل أن يكون ممن يروي عنه لا منه ولو سلم ففي كونه من قبيل مراسيله المقبولة إشكال والحمل على الكراهة لما عرفت من عدم ظهور النهي في التحريم في كلامهم (عليه السلام) ويؤيده أيضا أقرانه بلا تستقبل الريح لكونه للكراهة عندهم أيضا وبما رواه أيضا في هذا الباب عن علي بن إبراهيم رفعه قال خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد الله (عليه السلام) وأبو الحسن موسى (عليه السلام) قايم وهو غلام فقال له أبو حنيفة يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم فقال اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار ومساقط الثمار ومنازل النزال ولا تستقبل القبلة بغايط ولا بول وارفع ثوبك وضع حيث شئت و هذه الرواية في الكافي أيضا في الباب المذكور وفيه أيضا مثل ما في سابقيه وبما رواه الفقيه في باب ذكر جمل من مناهي رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله) في أثناء حديث طويل ونهى أن يبول الرجل وفرجه باد للشمس أو القمر وقال إذا دخلتم الغايط فتجنبوا القبلة وفيه أيضا مثل ما ذكر واحتج سلار بما رواه أيضا في هذا الباب عن محمد بن إسماعيل قال دخلت على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) وفي منزله كنيف مستقبل القبلة وعدم دلالته على ما ادعاه ظاهر لان بناء الكنيف على الاستقبال لا يستلزم جواز الجلوس عليه من غير انحراف وهذه الرواية في باب الزيادات أيضا بدون مستقبل القبلة لكن مع ضميمة قوله سمعته يقول من بال حذاء القبلة ثم ذكر فانحرف عنها إجلالا للقبلة وتعظيما لها لم يقم من مقعده ذلك حتى يغفر له هذا ثم أن الظاهر من الاستقبال والاستدبار استقبال أو استدبار البدن كما هو المتعارف لا للعورة حتى لو صرفها زال المنع وقد قال به بعض ولا اعتداد به والظاهر أيضا كراهتها حال الاستنجاء أيضا لما رواه في الزيادات أيضا عن عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له الرجل يريد أن يستنجى كيف يقعد قال كما يقعد للغايط وهذه الرواية للكافي أيضا في باب القول عند دخول الخلا وفي الفقيه أيضا في باب ارتياد المكان للحدث لكن الأصحاب لم ينصوا عليه ولا يخفى أن هذا الحكم إنما هو على تقدير الاكتفاء في الكراهة أيضا بالأدلة الضعيفة كما في الاستحباب وللكلام فيه محال والظاهر أيضا استحباب التشريق أو التغريب لرواية عبد الله الهاشمي المتقدمة وقال بعض بوجوبه لها وأيده بما ورد من أن ما بين المشرق والمغرب قبلة وهو ضعيف كما لا يخفى وذكر بعض الأصحاب أنه إذا تعارض الاستقبال والاستدبار قدم الاستدبار ولا وجه له خصوصا في التغوط
(٧١)