من باب المناظرة وموافقة القوم والحق أن أمثال هذه الوجوه والدلايل ما لا يناسب طريقتنا بل هي مناسبة لطريقة الجمهور وقد يستدل؟ على عدم الاجزاء بأن الافعال تابعة للقصود والدواعي فحيث لم يقصد غسل الجنابة وارتفاعها لم يحصلا وجوابه يظهر مما قدمناه ويستدل أيضا بما رواه التهذيب في الزيادات في باب الحيض في الموثق عن سماعة بن مهران عن أبي عبد الله وأبي الحسن (عليهما السلام) قالا في الرجل يجامع المرأة فتحيض قبل أن تغتسل من الجنابة قال غسل الجنابة عليها واجب وفيه بعد الطعن في السند أنه لا يستلزم المدعى لان وجوب غسل الجنابة عليها لا ينافي تداخله مع غسل الحيض إذ مع التداخل لا يرتفع الوجوب كما علمت مما سبق فإن قلت إذا لم يكن غسل الجنابة على حدة لازما ولا نية بخصوصه أيضا كما ذهبتم إليه فأي فائدة في حكمه (عليه السلام) بوجوبه قلت لعل فأيدته رفع توهم أنه حينئذ تسقط وجوب غسل الجنابة وإنما يجب غسل الحيض فقط وفايدة بقاء الوجوب ظاهرا حينئذ لو ترك الغسل بعد الحيض لكان العقاب بترك واجبين ولو أتى به لكان الثواب بفعلهما إلى غير ذلك ولا ينحصر الفايدة في الافراد والنية هذا ثم أنه إذا قيل بصحة هذا الغسل ورفعه للحدث المنوي وعدم رفعه للجنابة فلا بد له من الوضوء بناء على المشهور فمع الوضوء هل يرتفع الجنابة أو لا فقد توقف فيه العلامة (ره) في المنتهى وفى القواعد أيضا بناء على أن يكون كلامه في القواعد في الموضع الثاني وقرب الارتفاع في التذكرة ومنشأ التوقف كما في المنتهى عموم الاذن في الدخول في الصلاة من الاغتسال من الحيض والنفاس والوضوء وذلك يستلزم رفع كل حدث وكون الغسل الأول لم يقع من الجنابة والوضوء ليس برافع لها ووجه التقريب في التذكرة بوجود المساوي لغسل الجنابة في الرفع ولنا غنية عن النظر في هذه الوجوه وإذا قيل بصحته ورفعه للجنابة كما اخترنا فهل يجب الوضوء أم لا قرب المحقق في المعتبر عدم الوجوب وحكم العلامة (ره) أيضا في المنتهى بعدم الوجوب على ذلك الفرض وقرب المصنف (ره) في الذكرى وجوبه لعموم أدلة الوجوب وأنت بما ذكرنا سابقا يمكنك استنباط الحال ها هنا أيضا وأما على ما اخترناه من عدم وجوب الوضوء في الأغسال مطلقا فالامر واضح وأما الرابع وهو ما يكفي فيه نية رفع الحدث مطلقا أو الاستباحة فالظاهر أيضا الاجزاء عن الجميع لصدق الامتثال والروايات وكلام الأصحاب أيضا مما اطلعنا عليه دال على الاجزاء وذكروا أن نية السبب لا يحتاج إليها في الغسل الواجب لان المطلوب فيه رفع الحدث والاستباحة كما في الحدث الأصغر إلا أن العلامة (ره) استشكل فيه في القواعد وإن كان في الاستشكال أيضا مائلا إلى طرف الاجزاء كما يظهر من عبارته ومنشأ الإشكال كما قال شارحه المحقق (ره) من أن غسله صالح لكل من الأضعف والأقوى والرفع إنما يتحقق بانصرافه إلى الأقوى وانصرافه إليه ترجيح من غير مرجح ومن عموم قوله (عليه السلام) إنما لكل امرء ما نوى وقد نوى بالاستباحة زوال المانع فيجب أن يحصل له وإنما يتحقق برفع حدث الجنابة فيرتفع انتهى ثم قال وقوة هذا الوجه ظاهرة و أنت بما قدمنا لا تحتاج إلى بيان ما في الوجه الأول وأما الوجه الأخير الذي قواه أيضا فهو ضعيف إذ لا دلالة في الخبر على أن جميع ما ينوي المرء يحصل له غاية ما في الباب تسليم دلالتها على أن جميع ما لم يبق لم يحصل له وهذا لا يستلزم الأول لان عكس نقيضه لا ينعكس كليا لايجابه وكلمة ما وإن سلم عمومها لكن في هذا المقام لا يدل على العموم ظاهرا كما يحكم به الوجدان في ملاحظة ما هو بمنزلته من النفي والاستثناء كما يقال ما عملت إلا ما يضرني ما وصل إلي من فلان إلا ما لا ينفعني ما اكتسب فلان إلا ما هو وبال عليه إلى غير ذلك فإنه يفهم من جميعها انتفاء ما عدا مدخول ما لا تحقق جميع أفراد مدخولها فالأولى أن يتمسك فيه بما ذكرنا من الامتثال والروايات وقد قطع القائلون بالاجزاء حينئذ بعدم الاحتياج إلى الوضوء وأنت خبير بإمكان المناقشة فيه لو لم يتحقق الاجماع كما قدمنا وأما الخامس وهو ما ينوى فيه القربة فقط بدون الرفع أو الاستباحة وهو على وجهين أما أن لا يقصد الوجوب أيضا أو يقصد والكلام فيه إنما يبتني على الكلام في النية فإن لم يشترط فيها نية الرفع والاستباحة و الوجه بل يكتفي بالقربة كما هو الظاهر على ما سيجئ إنشاء الله تعالى فالظاهر حينئذ الاجزاء عن الجميع بكلا وجهيه للامتثال والروايات ويتوهم فيه أيضا الاشكال الذي نقلنا آنفا من القواعد وإن اشترطا معا أو الأول خاصة فلم يجزء عن شئ أصلا على الوجهين وإن اشترط الثاني خاصة فلم يجزء الأول عن شئ ويجزئ الثاني عن الجميع والوجه في الكل ظاهر وبما ذكرنا ظهر الحال في الوجوه السابقة بالنسبة إلى نية الوجوب وعدمها والعلامة (ره) في النهاية شرط في الغسل نية أحد الامرين من الرفع والاستباحة ونيه الوجه ثم ذكر في هذا المقام الذي نحن فيه ولو نوى الاغتسال مطلقا احتمل رفع الأدنى وعدمه ولا يخفى الاحتمال الأول بناء على أن رفع الأدنى هو أقل المراتب والزيادة لا دليل عليها فالغسل إنما يصار إليه ووجه الاحتمال الثاني ظاهر هذا وحال الوضوء في هذه الصورة أيضا بقياس سابقها هذا بيان أحكام ما إذا اجتمعت الأغسال الواجبة وفيها غسل الجنابة وأما إذا لم يوجد فيها غسل الجنابة فالظاهر من كلام القوم إطباقهم على جواز التداخل فيها سواء نوى الجميع أو البعض أو اكتفى برفع الحدث أو الاستباحة وذكروا في بيان السبب لا يلزم في الغسل الواجب كما نقلنا سابقا ولو اكتفى بالقربة فيبتني على الخلاف في النية كما مر ويدل عليه أيضا صدق الامتثال وبعض الروايات السابقة وحال الوضوء فيه ظاهر إذ على المشهور يجب قطعا على مذهب المرتضى (ره) لا يجب واعلم إن الأبحاث التي ترد في خصوصيات بعض هذه الأقسام في تطهيره من الاحداث الأصاغر مثل ما
(٦٥)