بما يدل عليه ولعله (ره) وجده في غيرها وما ذكره من عدم صراحة عبارة المرتضى (ره) في الطهارة فكذلك ثم كلامه هل هو صريح في الطهارة أم العفو فالذي يتراءى ظاهرا من قوله ويدل على الطهارة الأول لكن التأمل يشهد بالثاني فيكون مراده بالطهارة العفو بيانه إنه أورد في الاستدلال رواية الأحول وظاهر إنه لا تفاوت بينها وبين عبارة المرتضى في المعنى فحيث صرح بأن ليس في عبارته تصريح بالطهارة فكيف يجوز أن يجعل الرواية دليلا عليها وأما دليله الاخر من رواية عبد الكريم فهو أيضا ليس بصريح في الطهارة لأن عدم تنجيسه الثوب لا يستلزم طهارته إذ كونه معفوا عنه مطلقا أيضا يستلزم ذلك لا يقال إن كونه معفوا عنه مطلقا مع نجاسته يستلزم نجاسة ما يلاقيه غايته إنه يكون أيضا معفوا عنه فحيث حكم بعدم تنجيسه الثوب ظهر إنه ليس بنجس فاستدلال المحقق بهذه الرواية يدل على أن مختاره الطهارة ويكون حينئذ استدلاله بالرواية الأولى استدلالا على بعض مدعاه أو يجري في تمام المدعى بالتقريب الذي ذكر بأن يقال نجاسة الماء مستلزم لوجوب إزالته عن الثوب والبدن ووجود البأس فيه فحيث نفي البأس عنه ثبت طهارته لأنا نقول الاستلزام ممنوع وغاية ما يتمسك به في قضاء النجاسة هذه الأمور الاجماع وهو فيما نحن فيه مفقود ولو فرض تحقق عمومات دالة على ذلك نقول الروايات المتقدمة في بحث القليل تدل على نجاسة هذا الماء على زعم المحقق وأمثاله من الذاهبين إلى عموم هذه الروايات واحتياج إخراج فرد منها إلى مخصص والنجاسة كما يقتضي الأشياء التي ذكرتم كذلك يقتضي أشياء أخرى من عدم جواز رفع الحدث ورفع الخبث والتناول للاتفاق على عدم الفرق بين هذه الأمور وبين تلك وهذان الخبران إنما دلا على ارتفاع بعض أحكامها مما ذكروا أما البعض الاخر من عدم جواز استعماله في رفع الحدث والخبث وتناوله فينبغي أن يكون على حاله حتى يثبت ارتفاعه أيضا بدليل آخر ونفى البأس غير ظاهر في الجميع بل ظاهره عدم النجاسة أو العفو فإن قلت لو لم يرتفع هذه الأحكام أيضا يلزم التخصيص في العمومات المفروضة قلت هذا معارض بلزوم التخصيص في عمومات القليل والترجيح لها كما لا يخفى وأيضا نجاسة الثوب لا معنى له سوى وجوب التجنب عنه في الصلاة والطواف ونحوهما وحيث لم يحصل فيه هذه الأمور بملاقاة هذا الماء فيصدق عليه إنه لم ينجس بخلاف الماء فتدبر على أن إجراء هذا التوجيه في الرواية الأولى يستلزم إمكان إجرائه في عبارة المرتضى أيضا فيصير مصرحة بالطهارة فكيف يحكم عليها بعدم التصريح ولا يخفى إن آخر العبارة المنقولة عن المعتبر أيضا يشعر بأن مختاره العفو وإذ قد تقرر هذا ظهر إن ما نسبه المصنف في الذكرى إلى المعتبر كما ذكرنا وتبعه المحقق الشيخ علي (ره) في شرح القواعد والشهيد الثاني في شرح الارشاد صحيح ومراد الذكرى من أن في المعتبر ليس في الاستنجاء تصريح بالطهارة إنه ليس في الروايات لا في كلام الأصحاب وهو كذلك كما قررنا وبهذا ظهر اندفاع ما أورده صاحب المدارك على المصنف وتابعيه من أن هذه النسبة إلى المعتبر غلط بل كلامه فيه كالتصريح في الطهارة وظهر أيضا ما في كلام صاحب المعالم حيث قال وأجمل المحقق كلامه في ذلك فهو محتمل للقولين وربما كان احتمال القول بالطهارة فيه أظهر وقد كثر في كلام المتأخرين نسبة القول بالعفو إليه ولا وجه له والعجب إن الشهيد في الذكرى حكى عنه إنه قال ليس في الاستنجاء تصريح بالطهارة وإنما هو بالعفو ثم قال الشهيد ولعله أقرب لتيقن البراءة بغيره وهذه الحكاية وهم ظاهر فإن المحقق حكى عن الشيخين صريحا القول بالطهارة وإنما ذكر هذا الكلام عند نقله عبارة علم الهدى انتهى من الخلل من وجهين كما لا يخفى وقد يتعجب من الشهيد الثاني (ره) حيث نسب في موضعين من شرح الارشاد إلى العلامة في المنتهى دعوى الاجماع على الطهارة تبعا للمحقق الشيخ علي في شرح القواعد وعبارة المنتهى على ما وصل إلينا في هذا المقام ما نقلنا وليس فيها ما ذكراه ولعل نسختها كانت كما ذكراه والله أعلم وبما ذكرنا ظهر أيضا ما في كلام المحقق الشيخ علي (ره) في شرح القواعد بعد نقل القولين قلت اللازم أحد الامرين أما عدم إطلاق العفو عنه أو القول بطهارته لأنه إن جاز مباشرته من كل الوجوه لزم الثاني لأنه إذا باشره بيده ثم باشر به ماء قليلا ولم يمنع من الوضوء به كان طاهرا لا محالة وإلا وجب المنع من مباشرة نحو ماء الوضوء به إذا كان قليلا فلا يكون العفو مطلقا وهو خلاف ما ظهر من الخبر وكلام الأصحاب انتهى ولا يذهب عليك إنه ظهر في تضاعيف الكلمات إن ثمرة النزاع إنما هو جواز استعمال هذا الماء في رفع الحدث والخبث وتناوله وعدم جوازه فعلى القول بالطهارة يجوز على القول بعدمها وأما ما سوى ذلك من أحكام النجاسات فالظاهر أن لا خلاف في ارتفاعها والظاهر أيضا عدم الخلاف في عدم جواز رفع الحدث به كما سننقل دعوى الاجماع من المعتبر والمنتهى عليه إن شاء الله تعالى فبقي ثمره الخلاف في الامرين الآخرين فإن قلت أي من القولين أظهر قلت القول بالطهارة وجواز رفع الخبث به وتناوله لان الأصل في الأشياء الطهارة والإباحة وقد عرفت إن أدلة نجاسة القليل لا عموم لها بحيث يشمل ما نحن فيه وإنما كان التعدي عن الموارد المخصوصة التي وردت فيها الروايات إلى بعض الصور لأجل الشهرة وعدم القول بالفصل وكلاهما مفقودان فيما نحن فيه فيبني على الأصل فثبت جواز الطهارة والتناول وأما جواز رفع الخبث فلان الأوامر إنما وردت بالغسل بالماء وهذا يصدق عليه الماء فيحصل الامتثال واحتج الشهيد الثاني (ره) على الطهارة برواية عبد الكريم المتقدمة لأن عدم تنجيسه الثوب يستلزم طهارته وقد عرفت ما فيه وبأن في الحكم بالنجاسة حرجا ومشقة لعموم البلوى وكثرة تكرره ودورانه بخلاف باقي النجاسات وفيه إن الحرج على تقدير تسليمه إنما يرتفع بالعفو ولا يتوقف على طهارته إذ لا حرج في عدم جواز استعماله في رفع الخبث والتناول وهو ظاهر وبالاجماع المنقول عن المنتهى وقد عرفت ما فيه هذا وأما الشرايط التي ذكروها فمنها عدم تغيره بالنجاسة في أوصافه الثلاثة والظاهر أنه إجماع وإلا لأمكن المناقشة إذا الروايات الدالة
(٢٥٣)