رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أنزلت سورة النساء وأنزل فيها الفرائض نهى عن الحبس حدثنا روح بن الفرج قال أخبرنا يحيى بن عبد الله بن بكير وعمرو بن خالد قالا ثنا عبد الله بن لهيعة فذكر بإسناده مثله حدثنا عبد الرحمن بن الجارود قال ثنا ابن أبي مريم قال حدثني بن لهيعة فذكر بإسناده مثله * ( حدثنا روح ومحمد بن خزيمة قالا قال لنا أحمد بن صالح هذا حديث صحيح وبه أقول قال روح قال لي أحمد بن صالح وقد حدثنيه الدمشقي يعني عبد الله بن يوسف عن ابن لهيعة فأخبر بن عباس رضي الله عنهما أن الإحباس منهي عنها غير جائزة أنها قد كانت قبل نزول الفرائض بخلاف ما صارت عليه بعد نزول الفرائض فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار وأما وجهه من طريق النظر فإن أبا حنيفة وأبا يوسف وزفر ومحمدا رحمة الله عليهم وجميع المخالفين لهم والموافقين قد اتفقوا على أن الرجل إذا وقف داره في مرضه على الفقراء والمساكين ثم توفى في مرضه ذلك جائز من ثلثه وأنها غير موروثة عنه فاعتبرنا ذلك هل يدل على أحد القولين فكان الرجل إذا جعل شيئا من ماله من دنانير أو دراهم صدقة فلم ينفذ ذلك حتى مات أنه ميراث وسواء جعل ذلك في مرضه أو في صحته إلا أن يجعل ذلك وصية بعد موته فينفذ ذلك بعد موت من ثلث ماله كما ينفذ الوصايا فأما إذا جعله في مرضه ولم ينفذه للمساكين بدفعه إياه إليهم فهو كما جعله في صحته وكان جميع ماله يفعله في صحته فينفذ من جميع ماله ولا يكون له عليه بعد ذلك ملك مثل العتاق والهبات والصدقات هو الذي ينفذ إذا فعله في مرضه من ثلث ماله وكان الواقف إذا وقف في مرضه داره أو أرضه وجعل آخرها في سبيل الله كان ذلك جائزا باتفاقهم من ثلث ماله بعد وفاته لا سبيل لوارثه عليه وليس ذلك بداخل في قول النبي صلى الله عليه وسلم لا حبس على فرائض الله فكان النظر على ذلك أن يكون كذلك سبيله إذا وقف في الصحة فيكون نافذا من جميع المال ولا يكون له عليه سبيل بعد ذلك قياسا ونظرا على ما ذكرنا فإلى هذا أذهب وبه أقول من طريق النظر لا من طر يق الآثار لان الآثار في ذلك قد تقدم وصفي لها وبيان معانيها وكشف وجوهها فإن قال قائل أفتخرج الأرض بالوقوف من ملك ربها بوقفه إياها لا إلى ملك مالك قيل له وما تنكر من هذا وقد اتفقت أنت وخصمك على الأرض يجعلها صاحبها مسجدا للمسلمين ويخلى بينهم وبينها أنها قد خرجت بذلك من ملكه لا إلي ملك مالك ولكن إلى الله عز وجل
(٩٧)