قال أبو جعفر فذهب قوم إلى أن للراهن أن يركب الرهن بحق نفقته عليه ويشرب لبنه أيضا بحق نفقته عليه واحتجوا في ذلك بهذا الحديث وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا ليس للراهن أن يركب الرهن ولا يشرب لبنه وهو رهن معه وليس له أن ينتفع منه بشئ وكان من الحجة لهم على أهل المقالة الأولى أن هذا الحديث الذي احتجوا به حديث مجمل لم يبين فيه من الذي يركب ويشرب اللبن فمن أين جاز لهم أن يجعلوه الراهن دون أن يجعلوه المرتهن هذا لا يكون لأحد إلا بدليل يدله على ذلك إما من كتاب أو سنة أو إجماع ومع ذلك فقد روى هذا الحديث هشيم وبين فيه ما لم يبين يزيد بن هارون حدثنا أحمد بن داود قال ثنا إسماعيل بن سالم السائغ قال ثنا هشيم عن زكريا عن الشعبي عن أبي هريرة ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها ولبن الدر يشرب وعلى الذي يشرب نفقتها ويركب فدل هذا الحديث أن المعنى بالركوب وشرب اللبن في الحديث الأول هو المرتهن لا الراهن فجعل ذلك له وجعلت النفقة عليه بدلا مما يتعوض منه مما ذكرنا وكان هذا عندنا والله أعلم في وقت ما كان الربا مباحا ولم ينه حينئذ عن القرض الذي يجر منفعة ولا عن أخذ الشئ بالشئ إن كانا غير متساويين ثم حرم الربا بعد ذلك وحرم كل قرض جر نفعا وأجمع أهل العلم أن نفقة الرهن على الراهن لا على المرتهن وأنه ليس للمرتهن استعمال الرهن فمما روى في نسخ الربا ما حدثنا سليمان بن شعيب قال ثنا عبد الرحمن بن زياد قال ثنا شعبة عن منصور والأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قالت لما نزلت الآيات التي في آخر سورة البقرة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأهن على الناس ثم حرم التجارة في بيع الخمر حدثنا أحمد بن داود قال ثنا مسدد قال ثنا يحيى عن شعبة قال حدثني منصور عن مسلم عن مسروق عن عائشة مثله فلما حرم الربا حرمت أشكاله كلها وردت الأشياء المأخوذة إلى أبدالها المساوية لها وحرم بيع اللبن في الضروع فدخل في ذلك النهي عن النفقة التي يملك بها المنفق لبنا في الضروع وتلك النفقة فغير موقوف على مقدارها واللبن كذلك أيضا فارتفع بنسخ الربا أن تجب النفقة على المرتهن بالمنافع التي يجب له عوضا منها وباللبن الذي يحتلبه فيشربه ويقال لمن صرف ذلك إلى الراهن فجعل له استعمال الرهن أيجوز للراهن أن يرهن رجلا دابة هو راكبها فلا يجد بدا من أن يقول لا
(٩٩)