فرأينا الحمار الأهلي قد نهى عن أكله وأبيح كسبه والانتفاع به فكان بيعه إذ كان هذا حكمه حلالا وثمنه حلال وكان يجئ في النظر أيضا أن يكون كذلك الكلاب لما أبيح الانتفاع بها حل بيعها وأكل ثمنها ويكون ما روى في حرمة أثمانها كان وقت حرمة الانتفاع بها وما روى في إباحة الانتفاع بها دليل على حل أثمانها وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين وقد حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم قال ثنا محمد بن يوسف الفريابي قال ثنا سفيان عن موسى بن عبيدة عن القعقاع بن حكيم عن سلمى أم رافع عن أبي رافع قالت جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذن عليه فأذن له فأبطأ فأخذ رداءه فخرج فقال قد أذنا لك قال أجل يا رسول الله ولكنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جرو فأمر أبا رافع أن لا يدع كلبا بالمدينة إلا قتله فإذا بامرأة في ناحية المدينة لها كلب يحرس غنمها قال فرحمتها فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني فقتلته فأتاه ناس من الناس فقالوا يا رسول الله ماذا يحل لنا من هذه الأمة التي أمرتنا بقتلها قال فنزلت يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين حدثنا روح بن الفرج قال ثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال حدثني موسى بن عبيدة قال حدثني أبان بن صالح عن القعقاع بن حكيم عن سلمى أم رافع عن أبي رافع قال لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب أتاه ناس فقالوا يا رسول الله ما يحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها فنزلت يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين ففي هذا الحديث أيضا مثل ما قبله مما أباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أمر بقتلها وإن كان لم يذكر في هذا الحديث غير ما يضاد به منها وفيه زيادة على ما قبله من الأحاديث في الإباحة التي ذكرنا لان فيه نزول هذه الآية بعد تحريم الكلاب وأن هذه الآية أعادت الجوارح المكلبين إلى أن صيرتها حلالا وإذا صارت كذلك كانت في سائر الأشياء التي هي حلال في حل إمساكها وإباحة أثمانها وضمان متلفيها ما أتلفوا منها كغيرها وقد روي في ذلك عمن بعد النبي صلى الله عليه وسلم
(٥٧)