واحتجوا في ذلك بما حدثنا حسين بن نصر قال ثنا الفريابي ح وحدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا أبو عاصم قالا ثنا سفيان الثوري عن حكيم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسأل عبد مسألة وله ما يغنيه إلا جاءت شينا أو كدوحا أو خدوشا في وجهه يوم القيامة قيل يا رسول الله وماذا غناه قال خمسون درهما أو حسابها من الذهب حدثنا أحمد بن خالد البغدادي قال ثنا أبو هشام الرفاعي قال ثنا يحيى بن آدم قال ثنا سفيان الثوري فذكر بإسناده مثله غير أنه قال كدوحا في وجهه ولم يشك وزاد فقيل لسفيان ولو كان عن غير حكيم فقال حدثنا زبيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا من ملك مئتي درهم حرمت عليه الصدقة والمسألة ومن ملك دونها لم تحرم عليه المسألة ولم تحرم عليه الصدقة أيضا واحتجوا في ذلك بما حدثنا يزيد بن سنان قال ثنا أبو بكر الحنفي قال ثنا عبد الحميد بن جعفر قال حدثني أبي عن رجل من مزينة أنه أتى أمه فقالت يا بني لو ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته قال فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم يخطب الناس وهو يقول من استغنى أغناه الله ومن استعف أعفه الله ومن سأل الناس وله عدل خمس أواق سأل إلحافا قال أبو جعفر ولما اختلفوا في ذلك وجب الكشف عما اختلفوا فيه لنستخرج من هذه الأقوال قولا صحيحا فرأينا الصدقة لا تخلو من أحد وجهين إما أن تكون حراما لا تحل من الأشياء المحرمات عند الضرورات إليها أو تكون تحل له أن يملك مقدارا من المال فتحرم على مالكه فرأينا من ملك دون ما يغديه أو دون ما يعشيه كانت الصدقة له حلالا باتفاق الفرق كلها فخرج بذلك حكمها من حكم الأشياء المحرمات التي تحل عند الضرورة ألا ترى أن من اضطر إلى الميتة أن الذي يحل له منها هو ما يمسك به نفسه لا ما يشجع حتى يكون له غداء أو حتى يكون له عشاء فلما كان الذي يحل من الصدقة هو بخلاف ما يحل من الميتة عند الضرورة ثبت أنها إنما تحرم على من ملك مقدارا ما فأردنا أن ننظر في ذلك المقدار ما هو فرأينا من ملك دون ما يعشى لم يكن بذلك غينا
(٣٧٢)