المساوم به كان بذلك مبتاعا له ووجب على صاحبه تسليمه إليه وكذلك النابذة كانوا أيضا يتقاولون في الثوب وفيما أشبهه ثم يرميه ربه إلى الذي قاوله عليه فيكون ذلك بيعا منه إياه ثوبه ولا يكون له بعد ذلك نقضه فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دلك وجعل الحكم في البياعات أن لا يجب إلا بالمعاقدات المتراضى عليها فقال البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فجعل إلقاء أحدهما إلى صاحبه الثوب قبل أن يفارقه غير قاطع لخياره ثم اختلف الناس بعد ذلك في كيفية تلك الفرقة على ما قد ذكرنا من ذلك في موضعه من كتابنا هذا وممن ذهب إلى هذا التأويل أبو حنيفة رضي الله عنه ولما اختلفوا في ذلك أردنا أن ننظر فيما سوى هذا الحديث من الأحاديث هل فيه ما يدل على أحد القولين اللذين ذكرنا فنظرنا في ذلك فإذا إبراهيم بن محمد الصيرفي قد حدثنا قال ثنا أبو الوليد الطيالسي قال ثنا حماد عن حميد عن أنس رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد فدل ذلك على إباحة بيعه بعدما يشتد وهو في سنبله لأنه لو لم يكن ذلك كذلك لقال حتى يشتد ويبرأ من سنبله فلما جعل الغاية في البيع المنهي عنه هي شدته ويبوسته دل ذلك أن البيع بعد ذلك بخلاف ما كان عليه في البدء فلما جاز بيع الحب المغيب في السنبل الذي لم يبع دل هذا على جواز بيع مالا يراه المتبايعان إذا كانا يرجعان معه إلى معلوم كما يرجعان من الحنطة المبيعة المغيبة في السنبل إلى حنطة معلومة وأولى الأشياء بنا في مثل هذا إذ كنا قد وقفنا على تأويل هذا الحديث واحتمل الحديث الآخر موافقته أو مخالفته أن نحمله على موافقته لا على مخالفته وقد حدثنا يونس قال ثنا ابن وهب قال أخبرني يونس عن ابن شهاب في تفسير الملامسة والمنابذة قال كان القوم يتبايعون السلع لا ينظرون إليها ولا يخبرون عنها والمنابذة أن يتنابذ القوم السلع لا ينظرون إليها ولا يخبرون عنها فهذا من أبواب القمار حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني يونس عن ربيعة قال كان هذا من أبواب القمار فنهي عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم
(٣٦١)