وإن كان قد جعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك العتاق في الثلث دليلا لنا على أن هبات المريض وصدقاته كذلك فكذلك هو دليل لنا على أن القرعة قد كانت في ذلك كله جارية يحكم بها ففي ارتفاعها عندنا وعند هذا المخالف لنا من الهبات والصدقات دليل أن ارتفاعها أيضا من العتاق فبطل بذلك قول من ذهب إلى القرعة وثبت أحد القولين الآخرين فقال من ذهب إلى تثبيت القرعة وكيف تكون القرعة منسوخة وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل بها فيما قد أجمع المسلمون على العمل بها فيه من بعده فذكروا ما حدثنا يونس قال ثنا علي بن معبد قال ثنا عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن راشد عن الزهري عن عروة وسعيد بن المسيب وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعلقمة بن وقاص عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه حدثنا فهد قال ثنا أبو صالح قال ثنا الليث قال حدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب فذكر بإسناده مثله حدثنا فهد قال ثنا يوسف بن بهلول قال ثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق قال ثنا محمد بن مسلم عن عروة بن الزبير عن عائشة وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعن علقمة بن وقاص وسعيد بن المسيب وعبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة ويحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة مثله حدثنا محمد بن حميد قال ثنا سعيد بن عيسى بن تليد قال ثنا المفضل بن فضالة القتباني عن أبي الطاهر عبد الملك بن محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمه عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال حدثتني خالتي عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة مثله قالوا فهذا ما ينبغي للناس أن يفعلوه إلى اليوم وليس بمنسوخ فما ينكرون أن القرعة في العتاق في المرض كذلك قيل لهم قد ذكرنا في ذلك في موضعه ما يغني ولكنا نذكر ههنا ما فيه أيضا دليل أن لا حجة لكم في هذا إن شاء الله تعالى أجمع المسلمون أن للرجل أن يسافر إلى حيث أحب وإن طال سفره ذلك وليس معه أحد من نسائه وأن حكم القسم يرتفع عنه بسفره فلما كان ذلك كذلك كانت قرعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين نسائه في وقت احتياجه إلى الخروج بإحداهن لتطيب نفس من لا يخرج بها منهن وليعلم أنه لم يحاب التي خرج بها عليهن لأنه لما كان له أن يخرج ويخلفهن
(٣٨٣)