بل كان التحريم عليهما جميعا فكذلك ما ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في البكر اليتيمة ليس على اليتيمة البكر خاصة بل هو على البكر اليتيمة وغير اليتيمة وكان ما سمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك في اليتيمة البكر دليلا لهم أن ذات الأب فيه كذلك إذ كانوا قد علموا أن البكر قبل بلوغها إلى أبيها عقد البياعات على أموالها وعقد النكاح على بضعها ورأوا بلوغها يرفع ولاية أبيها عليها في العقود على أموالها فكذلك يرفع عنها العقود على بضعها ومع هذا فقد روى أهل هذا المذهب لمذهبهم آثارا احتجوا له بها غير أن في بعضها طعنا على مذهب أهل الآثار وأكثرها سليم من ذلك وسنأتي بها كلها وبعلها وفساد ما يفسده أهل الآثار منها في هذا الباب إن شاء الله تعالى فمما روى في ذلك مما طعن فيه أهل الآثار ما حدثنا أبو أمية ومحمد بن علي بن داود قالا ثنا الحسين بن محمد المروزي قال ثنا جرير بن حازم عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا زوج ابنته وهي بكر وهي كارهة فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فخيرها فكان من طعن من يذهب إلى الآثار والتمييز بين رواتها وتثبيت ما روى الحفاظ منهم وإسقاط ما روى من هو دونهم أن قالوا هكذا روى هذا الحديث جرير بن حازم وهو رجل كثير الغلط وقد رواه الحفاظ عن أيوب على غير ذلك منهم سفيان الثوري وحماد بن زيد وإسماعيل بن علية فذكروا في ذلك ما حدثنا أحمد بن داود قال ثنا عبد الرحمن بن عبد الوهاب قال ثنا وكيع عن سفيان عن أيوب السختياني عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين رجل وبين امرأة زوجها أبوها وهي كارهة وكانت ثيبا فثبت بذلك عندهم خطأ جرير في هذا الحديث من وجهين أما أحدهما فإدخاله بن عباس فيه وأما الآخر فذ كر فيه أنها كانت بكرا وإنما كانت ثيبا وما روى في ذلك أيضا ما حدثنا أحمد بن أبي عمران وإبراهيم بن أبي داود وعلي بن عبد الرحمن قالوا أخبرنا أبو صالح الحكم بن أبي موسى قال ثنا شعيب بن إسحاق الدمشقي عن الأوزاعي عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رجلا زوج ابنته وهي بكر بغير أمرها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ففرق بينهما فكان من حجة من يذهب في ذلك إلى تتبع الأسانيد أن هذا الحديث لا يعلم أن أحدا ممن رواه عن شعيب ذكر فيه جابرا غير أبي صالح هذا
(٣٦٥)