فابتاعها منه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما على أن ينظر إليها وريم من المدينة على قريب من ثلاثين ميلا فهذا عبد الله بن عمر وعبد الله بن بحينة قد تبايعا ما هو غائب عنهما ورأيا ذلك جائزا فإن قال قائل إنما جاز ذلك لاشتراط بن عمر رضي الله عنهما الخيار قيل له إن ذلك الخيار لم يجب لابن عمر رضي الله عنهما من جهة الاشتراط ولو كان من جهة الاشتراط وجب لكان البيع فاسدا ألا ترى أن رجلا لو اشترى من رجل عبدا أو أرضا على أنه بالخيار فيها لا إلى وقت معلوم أن البيع فاسد وابن عمر رضي الله عنهما في هذا الحديث الذي رويناه عنه لم يشترط خيار الرؤية إلى وقت معلوم فدل ذلك أن ذلك الخيار الذي اشترطه هو خيار يجب له يحق العقد وهو خيار الرؤية الذي ذهب إليه طلحة وجبير فيما رويناه عنهما لا خيار شرط وقد حدثنا فهد قال ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال حدثني يونس عن ابن شهاب عن سالم قال قال بن عمر رضي الله عنهما كنا إذا تبايعنا كان كل واحد منا بالخيار ما لم يتفرق المتبايعان قال فتبايعت أنا وعثمان فبعته مالا لي بالوادي بما له بخيبر قال فلما بايعته طفقت أنكص على عقبي نكص القهقري خشية أن يترادني البيع عثمان قبل أن أفارقه فهذا عثمان بن عفان وعبد الله بن عمر قد تبايع ما هو غائب عنهما ورأيا ذلك جائزا وذلك بحضرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينكره عليهما منكر حدثنا ربيع بن سليمان المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا أبو الأحوص عن أشعث بن أبي الشعثاء عن محمد بن عمير قال قال أبو هريرة رضي الله عنه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين أن يقول الرجل للرجل أنبذ إلي ثوبك وأنبذ إليك ثوبي من غير أن يقلبا أو يتراضيا ويقول دابتي بدابتك من غير أن يقلبا أو يتراضيا ففي هذا الحديث إجازة البيع بالتراضي ودليل على أن المنابذة المنهي عنها ما ذهب إليه أبو حنيفة رضي الله عنه لا ما ذهب إليه مخالفه والحمد لله رب العالمين
(٣٦٣)