واحتجوا في ذلك بما حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال ثنا محمد بن إدريس الشافعي قال ثنا سفيان بن عيينة قال ثنا ابن عجلان عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن عجلان أبي محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق قالوا فهذا الذي يجب للمملوك على سيده وكان أولى الأشياء بنا لما روى هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحمل ما رويناه قبله في هذا الباب على ما يوافقه ما وجدنا إلى ذلك سبيلا فكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون قد يحتمل أن يكون أراد بذلك الخبز والأدم والثياب من الكتان والقطن فإذا شركوا مواليهم في ذلك فقد أكلوا مما يأكلون ولبسوا مما يلبسون فوافق ذلك معنى حديث أبي هريرة وإنما تجب المساواة لو كان قال أطعموهم مثل ما تأكلون واكسوهم مثل ما تلبسون فلو كان قال هذا لم يجز للموالي أن يفضلوا عبيدهم في طعام أو كسوة ولكنه إنما قال أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون فلم يكن في ذلك وجوب المساواة بينهم في الكسوة والطعام وإنما فيه وجوب الكسوة مما يلبسون ووجوب الطعام مما يأكلون وإن كانوا في ذلك غير متساويين وقد دل على ذلك أيضا ما قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا إسماعيل بن يحيى المزني قال ثنا محمد بن إدريس الشافعي عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كفى أحدكم خادمه طعامه حره ودخانه فليجلسه فليأكل معه فإن أبى فليأخذ لقمة فليروعها ثم ليطعمها إياه حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال ثنا سعيد بن عامر عن شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين أو قال لقمة أو لقمتين فإنه ولى حره وعلاجه أفلا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وسع على المولى أن يطعم عبده من طعامه الذي قد ولى صنعته له عبده لقمة واحدة ثم يستأثر هو بما بقي من ذلك الطعام بعد تلك اللقمة فدل ذلك أن معنى ما أراد بقوله صلى الله عليه وسلم أطعموهم مما تأكلون إنه لم يرد المساواة وكذلك معنى قوله واكسوهم مما تلبسون وأما ما فعل أبو اليسر فعلى الاشفاق منه والخوف لا على غير ذلك وهذا الذي صححنا عليه معاني هذه الآثار قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمة الله عليهم أجمعين
(٣٥٧)