عن أبي يوسف عن أبي حنيفة قال معنى ذلك عندنا أن يعرى الرجل الرجل ثمر نخلة من نخلة فلا يسلم ذلك إليه حتى يبدو له فرخص له أن يحبس ذلك ويعطيه مكانه خرصه تمرا وكان هذا التأويل أشبه وأولى مما قال مالك لان العرية إنما هي العطية ألا يرى إلى الذي مدح الأنصار كيف مدحهم إذ يقول ليست بسنيها ولا زجيبية * ولكن عرايا في السنين الحوائج أي أنهم كانوا يعرونها في السنين الجوائح فلو كانت العرية كما ذهب إليه مالك إذا لما كانوا ممدوحين بها إذ كانوا يعطون كما يعطون ولكن العرية بخلاف ما قال فإن قال قائل فقد ذكرت في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر بالتمر ورخص في العرايا فصارت العرايا في هذا الحديث أيضا هي بيع ثمر بتمر قيل له ليس في الحديث من ذلك شئ إنما فيه ذكر الرخصة في العرايا مع ذكر النهي عن بيع الثمر بالتمر وقد يقرن الشئ بالشئ وحكمهما مختلف فإن قال قائل فقد ذكر التوقيف في حديث أبي هريرة رضي الله عنه على خمسة أوسق وفي ذكره ذلك ما ينفى أن يكون حكم ما هو أكثر من ذلك كحكمه قيل له ما فيه ما ينفي شيئا مما ذكرت وإنما يكون ذلك كذلك لو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون العرية إلا في خمسة أوسق أو فيما دون خمسة أوسق فإذا كان الحديث إنما فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا في خمسة أوسق أو فيما دون خمسة أوسق فذلك يحتمل أن يكون أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص فيه لقوم في عرية لهم هذا مقدارها فنقل أبو هريرة رضي الله عنه ذلك وأخبر بالرخصة فيما كانت ولا ينفي ذلك أن يكون تلك الرخصة جارية فيما هو أكثر من ذلك فإن قال قائل ففي حديث عمر وجابر رضي الله عنهما إلا أنه رخص في العرايا فصار ذلك مستثنى من بيع الثمر بالتمر فثبت بذلك أنه بيع ثمر بتمر قيل له قد يجوز أن يكون قصد بذلك إلى المعري له فرخص له أن يأخذ ثمرا بدلا من ثمر في رؤوس النخل لأنه يكون بذلك في معنى البائع وذلك له حلال فيكون الاستثناء لهذه العلة وفي حديث سهل بن أبي حثمة إلا أنه رخص في بيع العرية بخرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا فقد ذكر للعرية أهلا وجعلهم يأكلونها رطبا ولا يكون ذلك إلا وملكها الذين عادت إليهم بالبدل الذي أخذ منهم فذلك يثبت قول أبي حنيفة فإن قال قائل لو كان تأويل هذه الآثار ما ذهب إليه أبو حنيفة رحمة الله عليه لما كان لذكر الرخصة فيها معنى
(٣١)