وإن كان ظاهرها بخلاف باطنها فقد ثبت العيب ووجب له ردها به فإن حلبها بعد الثلاثة أيام فقد حلبها بعد علمه بعيبها فذلك رضاء منه بها فلهذه العلة التي ذكرت وجب فساد التأويل الذي وصفت وقال عيسى بن أبان كان ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحكم في المصراة بما في الآثار الأول في وقت ما كانت العقوبات في الذنوب يؤخذ بها الأموال فمن ذلك ما قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزكاة أنه من أداها طائعا فله أجرها وإلا أخذناها منه وشطر ماله غرمة من غرمات ربنا عز وجل ومن ذلك ما روى عنه في حديث عمرو بن شعيب في سارق الثمرة التي لم تحرز فإنه يضرب جلدات ويغرم مثليها وقد ذكرنا ذلك بأسانيده في باب وطئ الرجل جارية امرأته فأغنانا ذلك عن إعادة ذكرها ههنا قال فلما كان الحكم في أول الاسلام كذلك حتى نسخ الله الربا أفردت الأشياء المأخوذة إلى أمثالها إن كانت لها أمثال وإلى قيمتها إن كانت لا أمثال لها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن التصرية وروى عنه في ذلك فذكر ما قد حدثنا الربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا المسعودي عن جابر الجعفي عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله قال اشهد على الصادق المصدوق أبي القاسم صلى الله عليه وسلم أنه قال إن بيع المحفلات خلابة ولا يحل خلابة مسلم فكان من فعل ذلك وباع ما قد جعل يبيعه إياه مخالفا لما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وداخلا فيما نهى عنه فكانت عقوبته في ذلك أن يجعل اللبن المحلوب في الأيام الثلاثة للمشتري بصاع من تمر ولعله يساوي آصعا كثيرة ثم نسخت العقوبات في الأموال بالمعاصي وردت الأشياء إلى ما ذكرنا فلما كان ذلك كذلك ووجب رد المصراة بعينها وقد زايلها اللبن علمنا أن ذلك اللبن الذي أخذه المشتري منها قد كان بعضه في ضرعها في وقت وقوع البيع عليها فهو في حكم المبيع وبعضه حدث في ضرعها في ملك المشتري بعد وقوع البيع عليها فذلك للمشتري فلما لم يكن رد اللبن بكماله على البائع إذا كان بعضه بما لم يملك بيعه ولم يمكن أن يجعل اللبن كله للمشتري إن كان ملك بعضه من قبل البائع ببيعه إياه الشاة التي قد ردها عليه بالعيب وكان ملكه له إياه بجزء من الثمن الذي كان وقع به البيع فلا يجوز أن يرد الشاة بجميع الثمن ويكون ذلك اللبن سالما له بغير ثمن فلما كان ذلك كذلك منع المشتري من ردها ورجع على بائعه بنقصان عيبها قال عيسى فهذا وجه حكم بيع المصراة
(٢٠)