وخالفهم في ذلك آخرون ثم افترق المخالفون لهم على فرقتين فقالت فرقة البيع جائز والشرط باطل وقالت فرقة البيع فاسد وسنبين ما ذهبت إليه الفرقتان جميعا في هذا الباب إن شاء الله تعالى فكان من الحجة لهاتين الفرقتين جميعا على الفرقة الأولى في حديث جابر الذي ذكرنا أن فيه معنيين يدلان أن لا حجة لهم فيه فأما أحد المعنيين فإن مساومة النبي صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه إنما كانت على البعير ولم يشترط في ذلك لجابر رضي الله عنه ركوبا قال جابر رضي الله عنه فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلي فوجه هذا الحديث أن البيع إنما كان علي ما كانت عليه المساومة من النبي صلى الله عليه وسلم ثم كان الاستثناء للركوب من بعد فكان ذلك الاستثناء مفصولا من البيع لأنه إنما كان بعده فليس في ذلك حجة تدلنا كيف حكم البيع لو كان ذلك الاستثناء مشروطا في عقدته هل هو كذلك أم لا وأما الحجة الأخرى فإن جابرا رضي الله عنه قال فلما قدمت المدينة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالبعير فقلت هذا بعيرك يا رسول الله قال لعلك ترى أنى إنما حبستك لأذهب ببعيرك يا بلال أعطه أوقية وخذ بعيرك فهما لك فدل ذلك أن ذلك القول الأول لم يكن على التبايع فلو ثبت أن الاشتراط للركوب كان في أصله بعد ثبوت هذه العلة لم يكن في هذا الحديث حجة لان المشترط فيه ذلك الشرط لم يكن بيعا ولان النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ملك البعير علي جابر فكان اشتراط جابر للركوب اشتراطا فيما هو له مالك فليس في هذا دليل على حكم ذلك الشرط لو وقع في بيع يوجب الملك للمشتري كيف كان حكمه وذهب الذين أبطلوا الشرط في ذلك وجوزوا البيع إلي حديث بريرة حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر أن عائشة أرادت أن تشتري بريرة فتعتقها فقال لها أهلها نبيعكها علي أن ولاءها لنا فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا يمنعك ذلك فإنما الولاء لمن أعتق حدثنا يونس قال أخبرنا بن وهب قال أخبرني مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن أن بريرة جاءت تستعين عائشة فقالت لها عائشة إن أحب أهلك أن أصب لهم ثمنك صبة واحدة وأعتقك فعلت فذكرت ذلك بريرة لأهلها فقالوا لا إلا أن يكون ولاؤك لنا قال
(٤٢)