قال أبو جعفر فذهب قوم إلى ما ذكرنا فقالوا هي الظهر واحتجوا في ذلك بما احتج به زيد بن ثابت على ما ذكرناه عنه في حديث ربيع المؤذن وبما رويناه في ذلك عن ابن عمر وخالفهم في ذلك آخرون فقالوا أما حديث زيد بن ثابت فليس فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا قوله لينتهين أقوام أو لأحرقن عليهم بيوتهم وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الظهر بالهجير ولا يجتمع معه إلا الصف والصفان فأنزل الله تعالى هذه الآية فاستدل هو بذلك على أنها الظهر فهذا قول من زيد بن ثابت ولم يروه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في هذه الآية عندنا دليل على ذلك لأنه قد يجوز أن تكون هذه الآية أنزلت للمحافظة على الصلوات كلها الوسطى وغيرها فكانت الظهر فيما أريد وليست هي الوسطى فوجب بهذه الآية المحافظة على الصلوات كلها ومن المحافظة عليها حضورها حيث تصلى فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة التي يفرطون في حضورها لينتهين أقوام أو لأحرقن عليهم بيوتهم يريد لينتهين أقوام عن تضييع هذه الصلاة التي قد أمرهم الله عز وجل بالمحافظة عليها أو لأحرقن عليهم بيوتهم وليس في شئ من ذلك دليل على الصلاة الوسطى أي صلاة هي منهن وقد قال قوم إن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا لم يكن لصلاة الظهر وإنما كان لصلاة الجمعة حدثنا ابن أبي داود قال ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال ثنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لقوم يتخلفون عن الجمعة لقد هممت أن آمر رجلا يصلي بالناس ثم أحرق على قوم يتخلفون عن الجمعة في بيوتهم فهذا بن مسعود يخبر أن قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إنما كان للمتخلفين عن الجمعة في بيوتهم ولم يستدل هو بذلك على أن الجمعة هي الصلاة الوسطى بل قال بضد ذلك وأنها العصر وسنأتي بذلك في موضعه إن شاء الله تعالى وقد وافق بن مسعود رضي الله عنه على ما قال من ذلك غيره من التابعين حدثنا ابن مرزوق قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال زعم حميد وغيره عن الحسن قال كانت الصلاة التي أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق على أهلها صلاة الجمعة وقد روى عن أبي هريرة رضي الله عنه خلاف ذلك أيضا حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال أنا ابن وهب أن مالكا حدثه عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر رجلا بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة
(١٦٨)