في تلك المعرفة كونه إماما غيره ممن ليس بإمام.
وبينا أن العاقل إذا نشأ بين الناس، وسمع اختلافهم في الديانات، وقول كثير منهم أن للعالم صانعا خلق العقلاء ليعرفوه، ويستحقوا الثواب على طاعاتهم وأن من فرط في المعرفة استحق العقاب: لا بد من كونه خائفا من ترك النظر وإهماله، لأن خوف الضرر وجهه على وجوب كل نظر في دين أو دنيا، وأنه متى خاف الضرر وجب عليه النظر وقبح منه إهماله والاخلال به.
وقلنا: (1) إنه إن اتفق هذا العاقل، بحيث لا عينية له على النظر ولا مخوف، جاز أن يتنبه هو من قبل نفسه في الأمارات التي تظهر له على مثل ما يخوفه به المخوف، فيخاف من الاستضرار بترك النظر، فيجب عليه النظر.
وإن كان منفردا عن الناس فإن فرضنا أنه مع التفرد من الناس لا يتفق أن ينبه من قبل نفسه، فلا بد أن يخطر الله بباله ما يخوفه من إهمال النظر حتى يصح أن يوجب عليه النظر والمعرفة.
وذكرنا اختلاف أمن الخاطر ما هو؟ وأن الأقوى من ذلك أن يكون كلاما يفعله الله تعالى في داخل سمع العاقل يتضمن من المبنية (2) على الأمارات ما يخاف منه من إهمال نظر يجب عليه حينئذ ذلك.
وهذا كله مستقصى في كتاب الذخيرة.