وقد علم الله عز وجل أنا نقبل منه ما بلغنا عنه من كلام الله تعالى ولكنه علم أنه سينسخ بعض القرآن بالوحي إليه فإذا وقع ذلك قدح في بعض القلوب وأثر في بعض البصائر فقال لنا وما آتاكم الرسول فخذوه أي ما آتاكم به الرسول مما ليس في القرآن أو مما ينسخ القرآن فاقبلوه قال أبو محمد والسنن عندنا ثلاث سنة أتاه بها جبريل عليه السلام عن الله تعالى كقوله لا تنكح المرأة على عمتها وخالتها ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ولا تحرم المصة ولا المصتان والدية على العاقلة وأشباه هذه من الأصول والسنة الثانية سنة أباح الله له أن يسنها وأمره باستعمال رأيه فيها فله أن يترخص فيها لمن شاء على حسب العلة والعذر كتحريمه الحرير على الرجال وإذنه لعبد الرحمن بن عوف فيه لعلة كانت به وكقوله في مكة لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها فقال العباس بن عبد المطلب يا رسول الله إلا الإذخر فإنه لقيوننا فقال إلا الإذخر ولو كان الله تعالى حرم جميع شجرها لم يكن يتابع العباس على ما أراد من إطلاق الإذخر ولكن الله تعالى جعل له أن يطلق من ذلك ما رآه صلاحا فأطلق الإذخر لمنافعهم ونادى مناديه لا هجرة بعد الفتح ثم أتاه العباس شفيعا في أخي مجاشع بن مسعود ليجعله مهاجرا بعد الفتح فقال أشفع عمي ولا هجرة
(١٨٣)