اقرءوا القرآن ولا تغرنكم هذه المصاحف فإن الله تعالى لا يعذب بالنار قلبا وعى القرآن وجعل الجسم ظرفا للقرآن كالإهاب والإهاب الجلد الذي لم يدبغ ولو كان الاهاب يجوز أن يكون مدبوغا ما جاز أن يجعله كناية عن الجسم ومثله قول عائشة رضي الله عنها حين خطبت ووصفت أباها فقالت قرر الرؤوس على كواهلها وحقن الدماء في أهبها تعني في الأجساد وفيه قول آخر قال بعضهم كان هذا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم علما للنبوة ودليلا على أن القرآن كلام الله تعالى ومن عند نزل أبانه الله تعالى بهذه الآية في وقت من تلك الأوقات وعند طعن المشركين فيه ثم زال ذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم كما تكون الآيات في عصور الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من ميت يحيا وذئب يتكلم وبعير يشكو ومقبور تلفظه الأرض ثم يعدم ذلك بعدهم وفيه قول آخر وهو أن يرد المعنى في قوله ما احترق إلى القرآن لا إلى الاهاب يريد أنه إن كتب القرآن في جلد ثم ألقي في النار احترق الجلد والمداد ولم يحترق القرآن كأن الله عز وجل يرفعه منه ويصونه عن النار ولسنا نشك في أن القرآن في المصاحف على الحقيقة لا على المجاز كما يقول أصحاب الكلام إن الذي في المصحف دليل على القرآن وليس به والله تبارك وتعالى يقول إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون
(١٨٨)