وذلك أن الاجتهاد الذي يوافق الصواب من عمرو هو الاجتهاد الذي يوافق الخطأ وليس عليه أن يصيب إنما عليه أن يجتهد وليس يناله في موافقة الصواب من العمل والقصد والعناية واحتمال المشقة إلا ما يناله مثله في موافقته الخطأ فبأي معنى يعطى في أحد الاجتهادين حسنة وفي الآخر عشرا قال أبو محمد ونحن نقول إن الاجتهاد مع موافقة الصواب ليس كالاجتهاد مع موافقة الخطأ ولو كان هذا على ما أسس كان اليهود والنصارى والمجوس والمسلمون سواء وأهل الآراء المختلفة سواء إذا اجتهدوا وآراءهم وأنفسهم فأدتهم عقولهم أنهم على الحق وأن مخالفيهم على الخطأ قال أبو محمد ولكنا نقول إن من وراء اجتهاد كل امرء توفيق الله تعالى وفي هذا كلام يطول وليس هذا موضعه ولو أن رجلا وجه رسولين في بغاء ضالة له وأمرهما بالاجتهاد والجد في طلبها ووعدهم الثواب إن وجداها فمضى أحدها خمسين فرسخا في طلبها وأتعب نفسه وأسهر ليله ورجع خائبا ومضى الاخر فرسخا وادعا ورجع واجدا لم يك أحقهما بأجزل العطية وأعلى الحباء الواجد وإن كان الآخر قد احتمل من المشقة والعناء أكثر مما احتمله الآخر فكيف بهما إذا استويا وقد يستوي الناس في الاعمال ويفضل الله عز وجل من يشاء فإنه لا دين لاحد عليه ولا حق له قبله
(١٣٨)