الصغاني عن ابن أبي مريم ومن يتعفف وليس له بعض الكفاية كان قاتل نفسه دل على أن المسكين هو الذي له بعض الغنى ولا يكون له ما يغنيه والفقير من لا مال له ولا حرفة يقع بها (1) موقعا والله أعلم - (أخبرنا) أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو النضر الفقيه ثنا عثمان بن سعيد ثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة أنبأ إسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة وأعوذ بك ان أظلم أو أظلم - وروينا أيضا في حديث أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وفى حديث أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم اقض عنا الدين واغننا من الفقر - (وقد أخبرنا) أبو علي الروذباري أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار ثنا محمد بن إبراهيم الحلواني ثنا موسى بن محمد مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال ثنا هقل بن زياد أنبأ عبد الله (2) بن زياد ثنا جنادة بن أبي أمية قال سمعت عبادة بن الصامت رضي الله عنه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم أحيني مسكينا وتوفني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين - (وحدثنا) أبو منصور المظفر (3) بن محمد بن أحمد العلوي رحمه الله أنبأنا علي بن عبد الرحمن بن ماتى ثنا أحمد بن حازم الغفاري ثنا ثابت بن محمد الكناني ثنا الحارث بن النعمان الليثي عن انس بن مالك رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة فقالت عائشة رضي الله عنها ولم يا رسول الله قال لأنهم يدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين خريفا يا عائشة لا تردى المسكين ولو بشق تمرة يا عائشة أحبي المساكين وقربيهم فان الله يقربك يوم القيامة - قال أصحابنا فقد (4) استعاذ من الفقر وسأل المسكنة وقد كان له بعض الكفاية (يدل على - 5 -) ان المسكين من له بعض الكفاية (قال الشيخ) قد روى في حديث (6) شيبان عن قتادة عن (انس عن - 7 -) النبي صلى الله عليه وسلم انه استعاذ من المسكنة والفقر فلا يجوز أن يكون استعاذته من الحال التي شرفها في اخبار كثيرة ولا من الحال التي سأل ان يحيى ويمات عليها ولا يجوز أن يكون مسألته مخالفه لما مات صلى الله عليه وسلم عليه فقد مات مكفيا بما أفاء الله تعالى عليه ووجه هذه الأحاديث عندي والله أعلم انه استعاذ من فتنة الفقر والمسكنة الذين يرجع معناهما إلى القلة كما استعاذ من فتنة الغنى - (وذلك بين فيما أخبرنا) أبو محمد عبد الله بن يوسف أنبأ أبو سعيد ابن الاعرابي ثنا سعدان بن نصر ثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ يقول اللهم إني أعوذ بك من فتنة النار وفتنة القبر وعذاب القبر وشر فتنة الغنى وشر فتنة الفقر اللهم إني أعوذ بك من شر فتنه الدجال وذكر الحديث، وهذا حديث ثابت قد أخرجاه في الصحيح وفيه دلالة على أنه إنما استعاذ من فتنة الفقر دون حال الفقر ومن فتنة الغنى دون حال الغنى - واما قوله إن كان قاله أحيني مسكينا وأمتني مسكينا فهو ان صح طريقه وفيه نظر والذي يدل عليه انه حاله عند وفاته انه لم يسأل حال المسكنة التي يرجع معناها إلى القلة وإنما سأل المسكنة التي يرجع معناها إلى الاخبات والتواضع فكأنه صلى الله عليه وسلم سأل الله تعالى ان لا يجعله من الجبارين المتكبرين وان لا يحشره في زمرة الأغنياء المترفين قال القضيب والمسكنة حرف مأخوذ من السكون يقال (تمسكن الرجل إذا لان وتواضع وخشع ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم للمصلى) (8) تبأس وتتمسكن (9) يريد تخشع وتواضع لله -
(١٢)