وإما بالإبدال بأجود وأثبت منه، ليكون مرغوبا فيه، كإبدال " ابن الغضائري " - مثلا وهو أحمد بن الحسين - بأبيه الحسين بن عبيد الله، وهما جميعا ثقتان ثبتان، ولكن الحسين أوجه وأوثق وأضبط وأثبت، وكنحو حديث مشهور من طريق العامة عن سالم جعل عن نافع؛ ليرغب فيه. (1) أو بالقلب سهوا كحديث يرويه محمد بن أحمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، ومثله محمد بن أحمد بن يحيى، عن أبيه أحمد بن محمد بن يحيى، عن محمد بن يحيى، فينقلب الاسم، وكثيرا ما يتفق ذلك في أسناد التهذيب، وقد يقع في أسناد الاستبصار أيضا.
وربما وقع هذا القلب من العلماء لامتحان بعضهم بعضا في الحفظ والضبط.
قال الطيبي:
وكذلك ما روينا أن البخاري قدم بغداد فاجتمع قوم من أصحاب الحديث، وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها وأسانيدها، وجعلوا متن هذا الإسناد لإسناد آخر، وإسناد هذا المتن لمتن آخر، ثم حضروا مجلسه وألقوها عليه، فلما فرغوا من إلقائها التفت إليهم فرد كل متن إلى إسناده، وكل إسناد إلى متنه فأذعنوا له بالفضل. (2) وقد يكون القلب في المتن، كحديث السبعة الذين يظلهم الله في عرشه، وفيه:
" ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما ينفق شماله ". (3) فهذا مما انقلب على بعض الرواة، وإنما أصله: " حتى لا يعلم شماله ما ينفق يمينه " كما هو الوارد في الأصول المعتبرة.