وأبو عصمة هذا كان يقال له: الجامع. فقال أبو حاتم بن حيان: جمع كل شيء إلا الصدق.
وروى ابن حيان عن ابن مهدي قال: قلت لميسرة بن عبد ربه: من أين جئت بهذه الأحاديث " من قرأ كذا فله كذا "؟ فقال: وضعتها ارغب الناس فيها. (1) وهكذا حال الحديث الطويل المشهور عن أبي بن كعب، عن النبي (صلى الله عليه وآله) في فضل سور القرآن سورة فسورة. (2) بعث باعث عن مخرجه حتى انتهى إلى من اعترف بأنه وجماعة وضعوه، وأن أثر الوضع لبين عليه.
روي بالإسناد عن المؤمل بن إسماعيل، قال:
حدثني ثقة عن ثقة، قال: حدثني شيخ به، فقلت للشيخ: من حدثك؟ فقال: حدثني رجل بالمدائن، وهو حي، فصرت إليه فقلت: من حدثك؟ فقال: حدثني شيخ بواسط، وهو حي، فصرت إليه وقلت: أخبرني عمن سمعته؟، فقال: حدثني شيخ بالبصرة، فأتيت البصرة فلقيت الشيخ بالكلاء فحدثني بالحديث، وقال: الشيخ الذي سمعناه بعبادان، فأتيت عبادان فلقيت الشيخ فقلت: من حدثك بهذا؟ فأخذ بيدي فأدخلني بيتا فإذا فيه قوم من المتصوفة، ومعهم شيخ، فقال: هذا الشيخ حدثني.
فقلت له يا شيخ اتق الله، ما حال هذا الحديث؟، ومن حدثك؟ فقال: لم يحدثني أحد، ولكنا اجتمعنا هنا فرأينا الناس قد رغبوا عن القرآن وزهدوا فيه، فوضعنا لهم هذه الفضائل؛ ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن ويرغبوا فيه. (3) ولقد أخطأ رهط من المفسرين كالواحدي والثعلبي والزمخشري، ومن تبع طرقهم في إيداعهم هذه الأحاديث الموضوعة تفاسيرهم. والعذر عنهم بأنهم لم يطلعوا على الوضع - مع ما قد نبه عليه جماعة من العلماء - غير مسموع. وخطب (4)