إذ الخلف أن يزيد شرط الشيء - الذي هو فرعه - على أصله دون العكس. (1) وتارة (2) بأن آية التثبت، وهي قوله عز من قائل: (إن جآءكم فاسق بنبإ فتبينوا) (3) تدل بمفهوم الشرط على التعويل على نبأ جاء به عدل واحد. وسواء في ذلك أكان النبأ رواية، أم تزكية راو. وهذا أيضا واضح لا غبار عليه.
ومن يعتبر العدد مطلقا يتمسك بأن الجرح والتعديل شهادة، فيجب التعدد كسائر الشهادات.
ويجاب بالمنع، وبالمعارضة بأنهما إخبار، فيكفي الواحد كسائر الأخبار، وبأن في اعتبار العدد زيادة احتياط، فيكون أولى.
ويجاب بأن عدم اعتبار العدد أحوط؛ إذ فيه تبعيد عن ترك العمل بما هو سنة، والأول مظنة احتمال إهمال الحديث، ومئنة (4) الإخلال بالشرع وتضييع أوامر الله تعالى ونواهيه، فيكون لا محالة هذا أرجح وذاك مرجوحا.
ومن يسقط اعتبار العدد في تزكية الشاهد أيضا كالراوي يقول: إنها نوع إخبار، فيكفي الواحد، وقد بان لك أنها في الشاهد فرع قبول الشهادة، وفي الراوي فرع قبول الرواية، وشتان ما بين المقامين.
وبالجملة: أمر الشهادة أضيق وبالاحتياط أخلق؛ لقوة البواعث على الطمع والشره، وشدة الاهتمام بدواعي المشارات والخصومات؛ ولأنه خاص، فالمحابة والمباغضة تؤثران فيه، بخلاف أمر الرواية؛ فإنه عام لا مدخل فيه لحب أو بغض.