ومن قرأ وعباد الطاغوت.. قلنا المختار من هذه القراءة عند أهل العربية كلهم القراءة بالفتح وعليها جميع القراء السبعة إلا حمزة فإنه قرأ عبد بفتح العين وضم الباء وباقي القراءات شاذة غير مأخوذ بها.. قال أبو إسحاق الزجاج في كتابه في معاني القرآن عبد الطاغوت نسق على من لعنه الله قال وقد قرئت عبد الطاغوت والذي أختاره وعبد الطاغوت.. وروى عن ابن مسعود رحمه الله وعبدوا الطاغوت فهذا يقوى وعبد الطاغوت قال ومن قرأ وعبد الطاغوت بضم الباء وخض الطاغوت فإنه عند بعض أهل العربية ليس بالوجه من جهتين إحدهما أن عبد على وزن فعل وليس هذا من أمثلة الجمع لأنهم فسروه بخدم الطاغوت والثاني أن يكون محمولا على وجعل منهم عبد الطاغوت ثم خرج إلى من قرأ عبد وجها فقال إن الاسم بنى على فعل كما يقال رجل حذر أي مبالغ في الحذر فتأويل عبد أنه بلغ الغاية في طاعة الشيطان وهذا كلام الزجاج..
وقال أبو علي الحسن بن عبد الغفار الفارسي محتجا لقراءة حمزة ليس عبد لفظ جمع ألا ترى أنه ليس في أبنية الجموع شئ على هذا البناء ولكنه واحد يراد به الكثرة ألا ترى أن في الأسماء المفردة المضافة إلى المعارف ما لفظه لفظ الافراد ومعناه الجمع كقوله تعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) وكذلك قوله وعبد الطاغوت جاء على فعل فان هذا البناء يراد به الكثرة والمبالغة وذلك نحو يقظ وندس فهذا كله تقديره أنه قد ذهب في عبادة الشيطان والتذلل له كل مذهب قال وجاء على هذا لان عبد في الأصل صفة وإن كان قد استعمل استعمال الأسماء واستعمالهم إياه استعمالها لا يزيل عنه كونه صفة ألا ترى أن الأبرق والأبطح وإن كانا قد استعملا استعمال الأسماء حتى كسرا أهل النحو عندهم من التكسير في قولهم في أبارق وأباطح فلم يزل عنه حكم الصفة يدلك على ذلك تركهم صرفه كتركهم صرف أحمر ولم يجعلوا ذلك كأفكل وأيدع فكذلك عبد فإن كان قد استعمل استعمال الأسماء فلم يخرجه ذلك عن أن يكون صفة وإذا لم يخرج عن أن يكون صفة لم يمتنع أن يبنى بناء الصفات على فعل وهذا كلام مفيد في الاحتجاج لحمزة فإذا صحت قراءة حمزة وعادلت قراءة الباقين المختارة وصح أيضا سائر ما روى من القراءات التي حكاها السائل كان الوجه الأول الذي ذكرناه في الآية يزيل الشبهة فيها.. ويمكن