تعالى جعل منهم القردة والخنازير أنه جعل ما به كانوا كذلك هكذا نستفيد من قوله جعل منهم من عبد الطاغوت أنه خلق ما به كان عابدا للطاغوت وذلك إنما استفدنا ما ذكروه من الأول لان الدليل قد دل على أنما به يكون القرد قردا والخنزير خنزيرا لا يكون إلا من فعله تعالى وليس ما به يكون الكافر كافرا مقصورا على فعله تعالى بل قد دل الدليل على أنه يتعالى عن فعل ذلك وخلقه فافترق الأمران.. وفى الآية وجه آخر وهو أن لا يكون قوله تعالى وعبد الطاغوت معطوفا على القردة والخنازير بل معطوفا على من لعنه الله وغضب عليه وتقدير الكلام من لعنه الله ومن غضب عليه ومن عبد الطاغوت ومن جعل الله منهم القردة والخنازير وهذا هو الواجب لان عبد فعل والفعل لا يعطف على الاسم فلو عطفناه على القردة والخنازير لكنا قد عطفنا فعلا على اسم فالأولى عطفه على ما تقدم من الافعال.. وقال قوم يجوز أن يعطف عبد الطاغوت على الهاء والميم في منهم فكأنه تعالى جعل منهم ومن عبد الطاغوت القردة والخنازير وقد يحذف من في الكلام قال الشاعر أمن يهجو رسول الله منكم * ويمدحه وينصره سواء (1) أراد ومن يمدحه وينصره.. فإن قيل فهبوا هذا التأويل ساغ في قراءة من قرأ بالفتح أين أنتم عن قراءة من قرأ وعبد بفتح العين وضم الباء وكسر التاء من الطاغوت ومن قرأ عبد الطاغوت بضم العين والباء ومن قرأ وعبد الطاغوت بضم العين والتشديد
(٨٨)