فقال يا أمير المؤمنين: لوعة غلبتني وروعة فجأتني، ونعم فقدتها بعد أن أغرقتني، وإحسان شكرته فأنطقني، فدمعت عين المأمون وقال: قد عفوت عنك وأمرت بإرداد أرزاقك عليك واعطائك ما فاتك منها، وجعلت عقوبة ذنبك امتناعي من استخدامك.
أخبرني محمد بن يحيى الصولي عن عون بن محمد قال: حدثني الحسين بن الضحاك قال غضب على المعتصم في شئ جرى على فقال: والله لا أدنيته وحجبني أياما فكتبت إليه:
غضب الامام أشد من أدبه * وقد استجرت وعذت من غضبه أصبحت معتصما بمعتصم * أثنى الآله عليه في كتبه لا والذي لم يبق لي سببا * أرجو النجاة به سوى سببه مالي شفيع غير رحمته * ولكل من أشفى على عطبه قال فلما قرئت عليه التفث إلى الواثق وقال: مثل هذا الكلام يستعطف الكرام. ما هو إلا أن سمعت أبيات حسين هذه حتى أزالت ما بنفسي عليه. فقال له الواثق: هو حقيق بأن يوهب له ذنبه ويتجاوز عنه، فرضى عنى وأمر بإحضاري، وإنما كتب هذا الشعر إلى المعتصم لأنه بلغه أنه مدح العباس بن المأمون وتمنى له الخلافة فطلبه فاستتر فحيث ظهر هجى العباس بن المأمون فقال شعرا:
خل اللعين وما اكتسب * لا زال منقطع النسب يا عرة الثقلين لا * دينا رعيت ولا حسب حسد الامام مكانه * جهلا هداك على العطب وأبوك قدمه لنا * لما تخير وانتخب ما تستطيع سوى التنفس * والتجرع للكرب لا زلت عند أبيك * منتقص المروة والأدب وجدت في بعض الكتب عن يزدجر أنه قال: غضب كسرى أبرويز على بعض أصحابه من جرم عظيم فحبسه زمانا ثم ذكره فقال للسجان: هل يتعاهده أحد؟ فقال: لا إلا القلهند المغنى فإنه يوجه إليه في كل يوم بسلة فيها طعام. فقال الكسرى