عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال (1)). الآية فوالله ما كرهها ولا سخط عليها ولقد ذم الانسان لما قبلها. فقال هشام: أبيت الا رفقا، فأعفاه ورضى عنه * استسلف موسى بن عبد الملك من بيت المال الخاصة مالا إلى أجل قريب، وضمن للمتوكل رده فحل الاجل والمال متأخر فاغتاظ المتوكل من مدافعته به، وقال لعبد الله بن يحيى بن خلعان: وقع إليه عنى برد المال اليوم وضيق عليه في المطالبة، وأنفذ التوقيع مع عتاب بن عباب ومره بأن يطالبه فان أخر المال فاضربه بالمقارع في ديوان الخراج بحضرة الناس ولا ترفع المقارع عنه الا بحضور المال. فأدى بعض الخدم إلى موسى بالخبر فجلس ينظر في وجوه يرد منها المال ويجد وصار إليه عتاب بالتوقيع مختوما وكان ذلك اليوم شديد الحر وقد انتصف النهار وموسى في خيش له في حجرة من ديوانه يتناوب عليه فراشان يروحانه بها، فدخل عتاب، وفى يد موسى كتاب طويل يقرأه، وقد أكب موسى عليه يتشاغل به عن خطاب عتاب، وأصاب عتابا برد الخيش والمروحة فنام جالسا وقد ثقل، وكان عتاب قد أخرج الكتاب الذي معه حين جلس فوضعه على دواة موسى فغمز موسى بعض غلمانه فأخذ الكتاب بعينه وما زال عتاب ينام وينتبه، وموسى يعمل إلى أن انقضت الهاجرة وقد توجه بعض المال. وأنفذ بعض أصحابه لقبضه فقال له عتاب أنظر فيما جئنا به. قال أصلحك الله: فيم جئت به؟ قال فيما تضمن الكتاب، قال: أي كتاب؟ قال الكتاب الذي أوصلته إليك من أمير المؤمنين. قال متى؟ قال: الساعة وضعته على دواتك. قال أحسبك رأيت في النوم شيئا. فطلب عتاب الكتاب فلم يجده فقال: سرق الكتاب والله يا أصحاب الاخبار اكتبوا. فقال موسى: يا أصحاب الاخبار اكتبوا كذب فيما ادعاه ما أوصل إلى كتابا وأنتم حضور فهل رأيتموه أوصل إلى شيئا؟
لعلك يا أبا محمد ضيعت الكتاب في طريقك فانصرف عتاب إلى عبد الله فأخبره فدخل عبد الله إلى المتوكل فحدثه فضحك وقال: احضروا موسى الساعة. فحضر. فقال له المتوكل: يا موسى سرقت الكتاب من عتاب؟ قال: