إلى الظفر به فأخبرته بما عندي في ذلك. ثم أقبل على وقد انبسطت في محادثته انبساطا شديدا فقال أحب أن تنشدني القصيدة التي فيها:
يا ابن بنت النار موقدها * ما لحاديها سراويل فقلت أصلح الله الأمير: قد أربت نعمتك على قدر همتي فلا تذكرها بما ينغصها. فقال: إنما أريد الزيادة في طمأنينتك وتأنسك بأن لا تراني متحفظا مما خفت وعزم على إنشاد القصيدة عزم مجد، فقلت يريد أن تطرأ على سمعه فيزيد ما في نفسه فيوقع بي ولم أجد من إنشاده بدا فأنشدته القصيدة فلما فرغت منها عاتبني عتابا شديدا، وكان منه أن قال: يا هذا ما حملك على تكلف إجابتي؟ فقلت: الأمير أصلحه الله حملني على ذلك فقال بماذا؟ فقلت بقوله:
وأبى من لا كفاء له * من يسامي مجده قولوا فقلت كما تقول العرب وتفتخر السوقة على الملوك، وكان لما بلغت إلى قولي:
يا ابن بنت النار موقدها * ما لحاديها سراويل قال لي والله يا ابن مسلمة: لقد أحصينا في خزائن ذي اليمينين بعد موته ألفا وثلاثمائة من السراويل ما أصلح في إحداهن تكة سوى ما استعمل في اللبس، على أن الناس لا يفكرون في إدخال السراويل في كساهم، فاعتذرت إليه بما حضرني من القول في هذا وجميع ما تضمنته القصيدة فقبل القول وبسط العذر وأظهر الصفح وقال: قد دللتنا على ما احتجنا إليه من أمر نصر ابن شبث فنستحسن القعود معنا في حربه والا يكون لك في الظفر به أثر يشاكل إرشادك لوجوه مطالبه فاعتذرت إليه بلزوم منزلي وضيعتي وعجزي عن السفر للقصور عن النفقة فقال: نكفيك ذلك وتقبله منا بإذنك ودعا بصاحب دوابه فأمر بإحضار خمس مراكب من الخيل الهماليج بلجمها وسروجها المحلاة، وبثلاث دواب من دواب الشاكرية، وبخمسة أبغل من بغال النقل، واستقرأ ذلك وأمر صاحب كسوته بإحضار ثلاث تخوت من