دون أداء المال فاقرأهم داود التوقيع واعتذر إليهم: فقال عيسى، وسهل بن الصباح: قد قضينا حق الرجل فقد أبت أم جعفر أن تطلقه إلا بالمال فقوموا ننصرف فقال لهما الفيض بن صالح: كأنا إنما جئنا لنؤكد حبس الرجل؟
قالا له: فماذا تصنع؟ قال: نؤدى عنه المال. قال: ثم أخذ الدواة فكتب إلى وكيله في حمل ما على الرجل كتابا دفعه إلى داود كاتب أم جعفر وقال:
قد أجزنا في المال فادفع إلينا صاحبنا. قال: لا سبيل إلى ذلك حتى أعرفها الخبر. قال فكتب إليها بالخبر فوقعت في رقعته أنا أولى بالمكرمة من الفيض ابن صالح فاردد عليه كتابه بالمال، وادفع إليه الرجل وقل له: لا يعاود مثل ما كان منه " قال ": ولم يكن الفيض يعرف الرجل وإنما ساعد عيسى وسهلا على الكلام في أمره.
أخبرني أبو الفرج علي بن الحسين المعروف بالأصفهاني بالاسناد أنه لما كان أعشى همدان أبو المصبح ممن أغزاه الحجاج بلد الديلم ونواحي دستي فأسر فلم يزل أسيرا في أيدي الديلم، ثم أن بنت العلج الذي كان أسره هوته وصارت إليه ليلا ومكنته من نفسها فأصبح وقد واقعها ثماني مرات.
فقالت له الديلمية: يا معشر المسلمين أهكذا تفعلون بنسائكم؟ فقال لها هكذا نفعل كلنا. فقالت له بهذا العمل نصرتم. أرأيت إن خلصتك تصطفيني لنفسك، قال لها: نعم، وعاهدها فلما كان من الليل حلت قيوده وأخذت به طريقا تعرفها حتى خلصته فقال شاعر من أسراء المسلمين:
فمن كان يفديه من الأسر ماله * فهمدان يفديها الغداة أيورها وقال الأعشى يذكر ما لحقه من أسر الديلم:
لمن الظعائن سيرهن ترجف * عزن السفين إذا تقاعس يجدف وذكر أبو الفرج القصيدة وهي طويلة اخترت منها ما يتعلق بالفرج بعد الشدة وهي قوله:
أصبحت رهنا للعداة مكبلا * أمسى وأصبح في الأداهم أرسف