بإحضاري فدخلت عليه وبين يديه، أحمد بن خالد، وعمرو بن مسعدة، وعلى ابن هشام فلما رآني قال لي: أو لم تخبرني وتحلف لي أنك لا تملك إلا سبعمائة ألف درهم فمن أين لك هذا المال؟ فصدقته عن أمره وقصصت عليه قصته. فأطرق طويلا ثم قال: قد وهبته لك. فقال الحضور أتهب له خمسة آلاف ألف درهم وليس في بيت المال درهم وأنت محتاج إلى ما دون ذلك بكثير فلو أخذته منه قرضا وإذا جاءك مال رددته إليه؟ فقال لهم: أنا على المال أقدر من يحيى وقد وهبته له فرددت على القوم ما كانوا حملوه إلى وتخلصت. وقال محمد بن عبدوس في كتابه " كتاب الوزراء ": أن محمد بن يزداد سعى إلى المأمون بعمرو بن بهنوني فقال المأمون: يا فضل خذ عمرا إليك وقيده وضيق عليه ليصدق عما صار إليه من مالي فقد احتاز مالا جليلا وطالبه به فقلت: نعم، وأمرت باحضار عمرو فاحضر فأخليت له حجرة في داري وأقمت له ما يصلحه، وتشاغلت عنه بأمور السلطان في يومى وغده فلما كان اليوم الثالث أرسل إلى عمرو يسألني الدخول إليه فدخلت وأخرج إلى رقعة قد أثبت فيها كل ما يملكه من الدور والضياع والعقار والأموال والكسوة والفرش والجوهر والكراع والقماش وما يجوز بيعه من الرقيق فكان قيمة ذلك عشرين ألف ألف درهم وسألني أن أوصل رقعته إلى المأمون وأعلمه أن عمرا قد جعله من دون ذلك في حل وسعة، فقلت له: فإن أمير المؤمنين أكبر قدرا من أن يسلبك نعمتك عن آخرها. فقال عمرو إنه كما وصفت في كرمه ولكن الساعي لا ينام عنى ولا عنك، وقد بلغني ما أمرت به في أمرى من الغلظة وقد عاملتني بضد ذلك وقد طبت نفسا بأن أشترى عدل أمير المؤمنين لك في أمرى ورضاه عنى بجميع مالي فلم أزل أنزله حتى وافقته على عشرة آلاف ألف درهم. فقلت هذا شطر مالك وهو صالح للفريقين وأخذت خطه بالتزام ذلك صلحا عن جميع ما جرى على يديه وصرت إلى المأمون فوجدت محمد بن يزداد قد سبقني إليه وإذا هو يكلمه، فلما رآني قطع الكلام وخرج. فقال المأمون يا فضل: قلت: لبيك يا أمير المؤمنين.
قال: ما هذا الجرأة منك وعلينا؟ فقلت يا أمير المؤمنين أنا عبد طاعتك