وقد قامت قيامتنا والله. فانصرف الخادم وانصرفت وعدت من غد وقت المغرب وجاء الخادم فقالت الجارية: ما جاء اليوم أبدا وقد والله اشتد همنا وأشفقنا أن يكون قد حدثت عليه حادثة لا نعرفها. فانصرف الخادم وانصرفت وعدت من غد وعاد الغلام فقالوا له: يا هذا قد والله يئسنا منه ولا شك في أنه هلك والماتم قد أقيمت عليه في منزل أمه وعمومته فانصرف الخادم وجئت إلى القاسم بالخبر. فلما كان من الغد ركب القاسم إلى المعتضد فحين رآه استدعاه وساره وقال: إبراهيم الهاشمي المتزامن بحياتي أطلقه وأحسن إليه وأنت آمن بعدها من أن أنصب عليك صاحب خبر، ووالله لئن أحدثت به حادثة لا عرفت في دمه أحدا غيرك. فقبل الأرض وانصرف فعاد إلى داره وحمد الله تعالى إذ لم يعجل بقتله وأخبرنا الخبر وأحضر الهاشمي وخلع عليه ووصله بمال له قدر وصرفه وانقطعت أخباره عن المعتضد * حدثنا أبو الحسن أحمد ابن يوسف بن يعقوب بن إسحاق ابن البهلول التنوخي بالاسناد عن أبي القاسم عبيد الله بن سليمان وهو وزير في يوم من أيام جلوسه للمظالم إذ وقعت في يده رقعة فقرأها وتوقف ساعة كالمفكر ثم قال: أين عمر بن محمد بن عبد الملك؟
فأدخل عليه. فقال: أنت عمر؟ قال: نعم أعز الله الوزير أنا عمر بن محمد بن عبد الملك الزيات. قال فتوقف أيضا ساعة ثم قام إلى خلوة له ولم يطل وعاد إلى موضعه فوقع لعمر بن محمد بجائزة ولم يزل كالمفكر إلى أن تفرق الناس وخلا المجلس ممن يحتشم فقال لنا: وقفتم على خبر هذا الرجل؟ قلنا قد وقفنا على ما كان من الوزير أعزه الله في أمره ولم نقف على السبب. فقال: أحدثكم بحديثه فإنه طريف، حدثني أبي أبو أيوب رحمه الله تعالى قال: كنت في يدي محمد ابن عبد الملك الزيات يطالبني وأنا منكوب. وكان: يحضرني كل يوم بغير سبب ولا مطالبة وأنا في قيودي وعلى جبة صوف، وكان أخي الحسن يكتب بين يديه ولم يكن يتهيأ له في أمرى شئ إلا أنه كان إذا رآني استقبلني، فإذا رجعت إلى موضعي شيعني إذ أقبل في يوم خادم لمحمد ومعه ولد صغير فوثب كل من في المجلس إلى الصبي يقبلونه ويدعون له سواي فكنت مشغولا