فأعادهما على مرارا حتى حفظتهما ثم دعى به وبى فلما وقف بين يدي المهدى قال له: أين عيسى بن زيد؟ قال: ما يدريني أين عيسى بن زيد طلبته وأخفته فهرب منك في البلاد، فأخذتني وحبستني فمن أين أقف على موضع هارب منك وأنا محبوس؟ قال له: فأين كان متواريا ومتى آخر عهدك به وعند من لقيته؟
فقال ما لقيته منذ توارى ولا أعرف له خبرا. قال: والله لتدلني عليه أو لأضربن عنقك الساعة؟ قال: اصنع ما بدالك أنا أدلك على ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم لتقتله فألقى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم يطالباني بدمه؟! والله لو كان بين ثوبي وجلدي ما كشفت لك عنه. فقال اضربوا عنقه. ثم دعاني فقال: أتقول الشعر أو ألحقك به؟ قلت: بل أقوله.
قال: فاطلقوه. قال محمد بن القاسم بن مهرويه والبيتان اللذان سمعهما لا يحضرني الآن من هما من شعره. قال القاضي أبو علي: وأنشدني بعض أصحابنا معهما بيتا آخر زيادة.
إذا أنا لم أقنع من الدهر بالذي * تكرهت منه طالب عتبى على الدهر وجدت في كتاب أعطانيه أبو الحسين عبد العزيز بن إبراهيم صاحب النعمان وهو يومئذ كاتب الوزير أبو محمد المهلبي على ديوان السواد وذكر لي:
أنه نسخه من كتاب أعطاه إياه أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الحصيني وكان فيه إصلاحات بخط أبى الحسين بن مابيداد، قال أبو الحسين علي بن الحسين بن عبد الإسكافي: كان داود كاتب أم جعفر قد حبس وكيلا لها وجب عليه في حسابه مائة ألف درهم فكتب الوكيل إلى عيسى بن فلان، وسهل بن الصباح وكانا صديقين له بخبره فسارا ليتكلما له فلقيهما الفيض بن صالح فسألهما عن خبرهما فأخبراه، فقال: أتحبان أن أكون معكما؟ قالا:
نعم. فصاروا إلى داود فكلموه في إطلاق الرجل. فقال: أكتب إلى أم جعفر فكتب إليها يعلمها خبر القوم وحضورهم ومسألتهم في الوكيل فوقعت في الرقعة أن يعرفهم ما وجب لها عليه من المال، ويعلمهم أن لا سبيل إلى اطلاقه