يدفعه: أن ظاهر هذا الكلام هو الامر بتبليغ الحكم إلى عموم الغائبين بل وحتى المعدومين في ذلك الزمان الذين يوجدون فيما بعد فضلا عن الغائبين الموجودين في أماكن مختلفة ومن بلاد متعددة بعيدة أو قريبة.
والحاصل: أن المتفاهم العرفي من أمثال هذه العبارة أن الحاضر والغائب بل الموجود فعلا ومن يوجد فيما بعد سواء وهو المطلوب.
ومنها: قوله صلى الله عليه وآله: " أوصي الشاهد من أمتي والغائب منهم ومن في أصلاب الرجال وأرحام النساء إلى يوم القيامة أن يصلوا الرحم " 1.
وهذا الحديث نص في العموم ولكن ربما يستشكل بأنه لا يدل إلا على اشتراك الأمة جميعا في هذا الحكم فقط أي وجوب أو استحباب صلة الرحم وأما الاشتراك في سائر الأحكام فساكت عنه.
اللهم إلا أن يقال: لا خصوصية لصلة الرحم من بين سائر الفرائض أو يقال: هذا اللسان - أي لسان الوصية إلى الأمة في حكم من الأحكام - هو لسان اشتراك الأمة في الأحكام الشرعية وكلهم في ذلك سواء. ويمكن أن يستدل للمطلب ببعض الآيات مثل قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) 2 ومثل قوله تعالى: (فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) 3، وكذلك بكثير من الروايات الواردة من أخذ معالم الدين من يونس بن عبد الرحمن 4 وزكريا بن آدم 5 وأمثالهما من الثقات وارجاعهم الناس إلى هؤلاء من الرواة ونقلة الحديث ولا شك في أن هؤلاء لم يتعلموا من الإمام عليه السلام في كل موضوع إلا حكما واحدا متعلقا بالجميع وكانوا يذكرون ذلك