فنقول: الإمكان وإن كان في حد نفسه له معان متعددة، من الإمكان العام والخاص والأخص والاستقبالي والاستعدادي والوقوعي والاحتمالي وبالقياس إلى الغير، ولكن الظاهر أن المراد منه هيهنا هو الإمكان الوقوعي، أي ما لا يترتب على وقوعه وثبوته محذور عقلي ولا شرعي. كما قلنا في أن المراد من إمكان حجية الظن مقابل قول ابن قبة حيث قال بامتناعها (1) هو إمكانه وقوعا، أي لا يلزم من حجيته محذور، لا عقلا ولا شرعا فيكون مفاد الجملة بناء على هذا المعنى كل دم لا يلزم من كونه حيضا محذور لا عقلا ولا شرعا في عالم الإثبات لا بحسب الواقع فهو عند الشارع محكوم بالحيضية.
وهذا المعنى من الإمكان هو الدائر في المحاورات العرفية، فإذا يقولون بأن الشئ الفلاني ممكن أن يقع، يريدون به أنه لا يلزم من وجوده محذور، ولا شك في أن الفقهاء في ذكر هذه الجملة يتكلمون على طريقة أهل المحاورة، لا أنهم يتكلمون باصطلاح أو بمعنى غير جار استعمال اللفظ بذلك المعنى في محاوراتهم. ولعمري هذا واضح جدا.
وأما الإمكان بالقياس إلى الغير الذي ذكره صاحب الكفاية (قدس سره) في هذا المقام، وقال بأن الإمكان في القاعدة بهذا المعنى فأجنبي عن المقام، لان الإمكان بالقياس إلى الغير معناه أنه إذا قاسيناه بذلك الغير فهو - أي ذلك الغير - لا يوجب ضرورة وجوده ولا ضرورة عدمه، وبعبارة أخرى: لا يستلزم وجوده ولا عدمه، كما إذا فرضنا واجبين فكل واحد منهما لا علة لوجود الآخر ولا لعدمه، بل كل واحد منهما أجنبي عن الآخر فالقول بأن الحيض ممكن أي بالقياس إلى القيود والأدلة الشرعية وهذا هو المراد منه فعجيب، لأن الأدلة الشرعية لا تخلو من أحد الأمرين: إما يقتضي الحكم