القضية الكلية الشرطية مركبة من جملتين: إحديهما شرط، والأخرى جزاء، والقضية الشرطية المتكفلة لبيان الحكم الشرعي يكون الشرط موضوعا للجزاء. فمعنى (من استطاع يجب عليه الحج) أن المستطيع يجب عليه الحج، فالجملة الأولى من هذه الكلية - أي من ملك شيئا - موضوع للجملة الثانية، فيرجع مفاد هذه الكلية، إلى أن المالك لشئ، سواء أكان ذلك الشئ عينا من الأعيان الخارجية، أو فعلا من الأفعال - مالك للإقرار به. ولكن حيث أن نفس العين الخارجي ليست قابلة لتعلق الإقرار بها إلا باعتبار تعلق فعل من أفعاله بها، فيرجع معنى هذه الكلية إلى أن المالك لفعل من الأفعال يملك الإقرار بذلك الفعل، وظاهر كون الإنسان مالكا لفعل - حيث أنه في مقام التشريع هو أن يكون سلطانا على ذلك الفعل شرعا، أي كان له شرعا إيجاده وإيقاعه، لا صرف القدرة التكوينية.
مثلا لو كان شرعا مالكا لبيع مال - أو شرائه أو هبته أو وقفه أو عتقه أو غير ما ذكر من انحاء التصرفات أو تزويج امرأة أو طلاقها، أو أي تصرف كان مشروعا له أي كان مجعولا له من طرف الشارع - متعلقا بأي عين من الأعيان، أو لم يكن متعلقا بعين أصلا، ففي جميع ذلك يملك الاقرار به، سواء أكان له هذه السلطنة أولا وبالذات، أو كانت آتية من قبل موكله أو من جهة ولايته.
فلو سلمنا وجود الدليل على اعتبار هذه الجملة وهذه الكلية لكان يجب الأخذ بهذا الظاهر، وتطبيقه على جميع موارده، إلا أن يأتي في مورد من موارده دليل من إجماع أو غيره على التخصيص وعدم نفوذ إقراره.
وحيث أن العمدة في دليلها الإجماع فلابد وأن يلاحظ معقد الإجماع هل هو مطلق الأفعال التي يملكها، سواء أكان له أو عليه. وكذلك بالنسبة إلى الآثار التي لذلك الفعل لغيره، سواء أكان له أو عليه، أو مخصوص نفوذه بالنسبة إلى الآثار التي لنفسه لا لغيره؟