إلى غيره إن كان التغير من الفقر خاصة وإلا ردها على المالك هذا تغيرت بعد الدفع وإن تغيرت قبل الدفع ضمنها الساعي سواء فرط أو لم يفرط وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة وأحمد لا يضمن من التفريط. لنا: أنه قبضه من أهل الرشد من غير ولاية وكان ضامنا كالأب يقبض لابنه الكبير احتج المخالف بأن الساعي له ولاية القبض والجواب المنع من ثبوت الولاية مع عدم وجود الدفع. [الثالث] لو تلفها الساعي بمسئلتها وحال الحول ولم يتغير الحال وقعت موقعها وإن تغيرت بعد الدفع فالحكم كما تقدم وإن تغيرت قبله وهلكت من غير تفريط قال به الشيخ الأولى أن يكون ضمنها لان كل فرقه إليها إذن في ذلك ولا ترجيح لأحدهما على صاحبه وللشافعي وجهان أحدهما: أنه من ضمان المالك لأنه أقوى جئنا من الفقراء، والثاني: أنه من ضمان الفقراء لأنه قبضه لمنفعتهم بإذنهم فكان من ضمانهم وهذا البحث لا يتأتى على الفرض لان الفقراء لا اعتبار بتسليمهم إذ لا يستحقون شيئا على اليقين فيكون الساعي في الحقيقة وكيلا للمالك في التسليم فيجب عليه الإعادة كما لو بلغت في يد الوكيل. [الرابع] لو تلفها بإذن الفقراء خاصة فإن حال الحول ولم يتغير الحال وقعت موقعها وإن تغيرت الحال بعد الدفع فالحكم ما تقدم وإن كان قبله وهلكت في يد الساعي قال الشيخ ضمن أهل السهمين لإذنهم وعلى ما حررناه لا ينافي هذا ولو تلفها بإذن المالك خاصة ولم يتغير الحال وقعت موقعها وإن تغيرت بعد الدفع فالحكم ما تقدم وإن كان قبله وهلكت في يد الساعي فالمالك ضامن لان الساعي أمين. [الخامس] ما يتعجله المستحقون يقع مترددا بين الزكاة وإن يسترد وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة هو متردد بين الزكاة والتطوع وليس بالمعتمد لان المالك لم يقصد التطوع فلا ينصرف إلى غير ما قصده إذ ثبت هذا فنقول إن حال الحول ولم يتغير حال المالك ولا حال الفقراء وقعت الزكاة موقعها أن تغيرت حال المالك بموت أو عدة أو نقص النصاب لم يقع زكاته ويجوز له استرجاعه وبه قال الشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة ليس له الاسترجاع إلا أن يكون في يد الساعي أو الامام. لنا: مال دفع عوضا عما يستحق في ذمته في ثاني الحال وقد طوى مانع الاستحقاق فللدافع الاسترداد كما لو دفع أجرة الدار فانهدمت احتج بأنها وصلت إلى يد الفقير فليس له استرجاعها كما لو شرط أنها زكاة معجلة والجواب أنه مع عدم الاشتراط يحتمل التطوع فلا يقبل قوله في الرجوع بناء على الظاهر أما لو مات الفقير فإنها مجزية فيحتسب لها من الزكاة لان الدين على الميت يجوز احتسابه من الزكاة إذ لم يخلف شيئا أحد الزكاة لو كان حيا ولو تغيرت حاله بردة أو غنى لم يجزه وجاز له استرجاعها وبه قال الشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة ليس له الاسترجاع. لنا: أن بقاء حال الفقير على صفة الاستحقاق شرط في الآخر وقد فقد قبل الحول فلم يجز كما لو مات المالك. [السادس] في كل موضع للمالك الاسترجاع فإنه استرجع العين إن كانت باقية ومثلها إن كانت تالفة وإن تعذر المثل أو لم يكن من ذوات الأمثال وجبت القيمة يوم التلف أو يوم القبض فيه تردد ينشأ من تملكه للعين فما زاد نقص فإنما هو في ملكه فالمعتبر وقت القبض كما لو تلف الصداق في يدها ثم طلقها فإنها تضمن النصف يوم القبض ومن كون حقه انتقل إلى القيمة من العين يوم التلف فكان المعتبر يوم التلف كالعارية بخلاف الصداق فإن الواجب نصف المسمى ولهذا زيادته بالغة من الرجوع في العين الأخير عندي أقوى. [السابع] لو أيسر الفقير فإن كان بمعنى المدفوع وقعت الزكاة موقعها ولا يسترجع لأنه وقعت إليه ليستغني أو يرجع خاصة وقد حصل الفرض فلا يمنع الأخير أما لو استرجعناها منه فصار فقيرا فجاز صرفها بعد ذلك إليه وذلك لا معنى له وإن أيسر بغيرها كما لو ورث أو غنم أو وجد كنز استرجعت منه لأنا أعطاه على جهة الدين وإنما يجب عليه بعد الحول وحينئذ لا يجوز عنه لأنه غني أما لو أيسر بنمائها لو كانت له إبلا فتوالدت أو أموالا فاتجر بها قال الشيخ لا يرجع الزكاة أيضا لما ذكرنا من العلة وفيه نظر لان المقبوض كان قرضا عنده وإنما القرض للمقترض. [الثامن] إذا كان النصاب يتم بالمدفوع فالوجه عندنا سقوط الزكاة لأنه يدفعها قرضا فيخرج عن ملكه والدين لا يضم إلى العين عندنا أما المجوزون للتعجيل والقائلون بوجوب الزكاة في الدين فالبحث فيه كما لو تم بغيره إذا ثبت هذا فلو كان في يده أربعون شاة فعجل واحدة منها ثم حال الحول قطت الزكاة عندنا لما قلنا وعند الشيخ ثبتت الزكاة قال لأنها نفد في ملكه ما دامت عليها باقية فإن أتلفها المدفوع إليه قبل الحول فقد انقطع النصاب ولا يجب على صاحبه زكاة وله استرجاع الثمن وهذا الكلام من الشيخ يدل على أن المدفوع ليس فرضا محضا ولا زكاة معجلة. [التاسع] لو أيسر بعد الدفع ثم افتقر قبل الحول أو حال الحول وهو فقير قال الشيخ جاز الاحتساب لان المراعي في صفة المستحق حال حول الحول ولا عبرة بالمتقدم وهو أحد الوجهين للشافعي وفي الثاني لا يجزيه لأنه بالاستيفاء بطل قبضه فلم يجز كما لو دفعها إلى غني ثم افتقر أما لو دفعها إلى غني ثم افتقر عند الحول قال الشافعي لا يجزيه لان التعجيل للأوقات وهو ليس من أهله فلا يصح التعجيل وعلى ما قلناه نحن من أن الدفع على سبيل الفرض جاز الاحتساب. [العاشر] إذا دفع القرض فإن ذكر حال الدفع أنه قرض جاز له الاسترجاع وإن لم يذكر بل قال هذه زكاتي وأطلق بنى على الظاهر من كونه صدقة فلا يرجع فلو اختلفا فأدعي المالك الذكر فالقول قول القابض مع اليمين وكذا لو قال المالك هذه صدقة لو لم يكن له الاسترجاع لأنها تقع على الواجب والندب وليس له الرجوع في كل واحد منها إلا مع تقييد التعجيل قال الشيخ ولو كان الدافع هو الوالي لا المالك كان له الاسترجاع أطلق أو قيد وهو جيد لان التهمة منفية هنا بخلاف المالك فإن الساعي نائب عن الفقراء فقيل قوله عليه بخلاف المالك فإنه يدعي لنفسه. [الحادي عشر] لو دفع خمسة
(٥١٣)