في الصلاة إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن احتج المخالف بقوله (ع): تحريمها التكبير أضاف التكبير إلى الصلاة والشئ لا يضاف إلى نفسه وهو خطأ لان الإضافة يقتضي المغايرة ولا ريب في مغايرة الشئ لجزئه فما ذكروه لا يدل على مطلوبهم. * مسألة: والصيغة التي ينعقد بها الصلاة الله أكبر وعليه علماؤنا وهو قول أحمد وللجمهور خلاف في مواضع: {الأول} قال أبو حنيفة ينعقد الصلاة بكل اسم الله تعالى على وجه التعظيم كقوله الله أعظم أو عظيم أو جليل أو سبحان الله ونحوه والباقي ذهبوا إلى تعيين التكبير كما اخترناه لما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: تحريمها التكبير وفي حديث رفاعة عنه صلى الله عليه وآله ثم يستقبل القبلة ويقول الله أكبر ومن طريق الخاصة ما تقدم من الأحاديث احتج بأنه ذكر الله تعالى على وجه التعظيم فأشبه قوله الله أكبر وبالقياس على الخطبة حيث لم يتعين لفظها. والجواب عن الأول: أنه قياس في معارضة النص فلا يكون مقبولا وينتقض بقوله: اللهم اغفر لي والفرق بينه و بين الخطبة ظاهر إذ لم يرد عن النبي (ص) فيها لفظ معين والمقصود الاتعاظ. {الثاني} الذي نذهب إليه الاتيان بلفظ الله أكبر لأنه لا تعقد الصلاة بمعناها ولا بغير العربية مع القدرة وبه قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة يجزيه. لنا: ما تقدم وما ثبت بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يداوم على هذه الصيغة وكان ذلك بيان للواجب فيكون واجبا لقوله (ع) صلوا كما رأيتموني أصلي احتج أبو حنيفة بقوله تعالى: (وذكر اسم ربه فصلى) وهذا قد ذكر. والجواب: أنه اخبار عن ذكر الله تعالى وهو غير مبين وفعل النبي صلى الله عليه وآله مبين له فيقصر عليه. فرع: لو لم يحسن العربية وجب عليه التعليم فإن خشي الفوات كبر بلغته وبه قال الشيخ في المبسوط وهو اختيار الشافعي وقال قوم من الجمهور يكون كالأخرس. لنا: أن التكبير ذكر فإذا تعذر اللفظ أتى بمعناه تحصيلا لفائدة المعنى. {الثالث} لو أتى بلفظ أكبر معرفا فقال الله أكبر لا لم يصح وبه قال الشيخ في المبسوط وأكثر أهل العلم قالوا به وقال الشافعي ينعقد بها واختاره ابن الجنيد منا. لنا: ما رواه الجمهور في حديث رفاعة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: ويقول الله أكبر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد عن أبي عبد الله (ع) وقد وصف له الصلاة وقال بخشوع الله أكبر وبيان واجب ولان النبي صلى الله عليه وآله كان يداوم على هذه الصيغة ولو لم تكن متعينة لعدل عنها في بعض الأوقات قال الشافعي لم يغير النية ولا المعنى وهو ضعيف لأنه قبل التعريف كان متضمنا لاضمار أو تقدير فزال فإنه قول الله أكبر معناه من كل شئ.
{الرابع} الترتيب شرط فيها فلو عكس فقال الأكبر الله أو أكبر الله لم ينعقد صلاته وهو قول أحمد خلافا لبعض الشافعية ولأبي حنيفة. لنا: ما تقدم ولأنه لا يسمى حينئذ تكبيرا قال في المبسوط يجب أن يأتي بأكبر على وزن أفعل فلو مد خرج عن المقصد لأنه حينئذ يصير جمع كبر وهو الطبل وهو جيد مع القصد أما مع عدمه فإنه بمنزلة مد " الألف " ولأنه قد ورد الاشباع في الحركات إلى حيث ينتهي إلى الحروف في لغة العرب ولم يخرج بذلك عن الوضع وكذا لا ينبغي له أن يمد الهمزة الأولى من لفظ الله لأنه يبقى (يصير) مستفهما فإن قصده بطلت. * مسألة: الأخرس يتنطق بالممكن فإن تعذر النطق أصلا قال الشيخ يكبر بالإشارة بإصبعه ويومي وقال بعض الجمهور ويسقط فرضه عنه. لنا: الصحيح يجب عليه النطق بتحريك لسانه والعجز عن أحدهما لا يسقط الآخر قالوا الإشارة وحركة اللسان يتبع اللفظ فإذا سقط فرضه سقطت توابعه وهو باطل لان اسقاط أحد الواجبين لا يستلزم اسقاط الآخر وعندي فيه نظر. * مسألة: ويجب على المصلي أن يسمع نفسه بالتكبير إن كان صحيح السمع وإلا أتى بما لو كان صحيحا سمعه لأنه ذكر محله اللسان ولا يحصل إلا بالصوت والصوت ما يمكن سماعه و أقرب السامعين نفسه فمتى لم يسمعه لم يعلم إتيانه بالقول والرجل والمرأة في ذلك سواء. * مسألة: ويجب أن يكبر قائما لأنه جزء من الصلاة المشترط به مع القدرة فلو اشتغل بالتكبير وهو آخذ في القيام لم يتمه أو انحنى إلى الركوع مثلا بأن كان مأموما قبل إكماله بطلت صلاته وقال الشافعي إن انحنى قبل إكماله وكانت فرضا بطلت ولو انعقدت نافلة وهو باطل لأنها إذا بطلت لم ينعقد نافلة لأنه لم يبق النافلة. * مسألة: ولو أخل بحرف منها لم ينعقد بصلاته لان الاخلال بالجزء يستلزم الاخلال بالجميع وكذا لو قال الله أكبر بالتقطيع لان التعظيم إنما يحصل بالاخبار ومع التقطيع يكون بمنزلة الأصوات التي ينفق (ينطلق) بها ولا يكون تركيبها دالا على شئ وفيه إخلال بالجزء الصوري. * مسألة: وروى علماؤنا استحباب التوجه بسبع تكبيرات إحديهما تكبيرة الاحرام وهي واجبة وروى الشيخ في الصحيح عن ابن عمير عن زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله (ع) الافتتاح فقال:
تكبيرة تجزيك، قلت أسبع؟ قال: ذلك الفضل وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: التكبيرة الواحدة في افتتاح الصلاة تجزي والثلث أفضل والسبع أفضل كله وفي الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر ثلاث تكبيرات ثم قل " اللهم أنت الملك الحق المبين لا إله إلا أنت سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب إلا أنت " ثم كبر تكبيرتين ثم قل " لبيك وسعديك والخير في يديك و الشر ليس إليك والمهدي من هديت لا منجا منك إلا إليك سبحانك وحنانيك تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت " ثم تكبر تكبيرتين ثم تقول " وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين " ثم تعوذ من الشيطان ثم اقرأ فاتحة الكتاب وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا افتتحت الصلاة فكبر إن شئت واحدة وإن شئت ثلاثا وإن شئت خمسا وإن شئت سبعا كل ذلك مجز عنك غير أنك إذا كنت إماما لم تجهر إلا بتكبيرة واحدة قال أصحابنا والمصلي بالخيار إن شاء جعلها تكبيرة الاحرام وإن نوى بها أول التكبيرات وقعت البواقي في الصلاة وله أن ينوي الأخيرة والوسطى وأيهما شاء. فروع: [الأول] لا خلاف بين علمائنا في استحباب التوجه بسبع تكبيرات بالأدعية