بدخول الوقت فلا يجزي قبله لأنه يخل بمقصوده أما الفجر فلا بأس بالأذان قبله وعليه فتوى علمائنا وبه قال مالك والأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحاق ومنع منه أبو حنيفة والثوري ومحمد بن الحسن. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: إن بلالا يؤذن بالليل لينبه نائمكم وهو دليل الجواز لما فيه من المداومة وترك النهي عنه وعن زياد بن الحارث الصيداني قال أمرني النبي صلى الله عليه وآله فجعلت فأذنت أقول أقيم يا رسول الله وهو ينظر ناحية المشرق ويقول لا حتى يطلع الفجر ينزل مرر تمم انصرف إلى قد تلاحق أصحابه فتوضأ فأراد بلال أن يقيم فقال النبي صلى الله عليه وآله ان أخا الصيداني قد أذن ومن أذن فهو يقيم قال فأقمت وهذا الحديث كما هو دال على المقصود فهو دال على إبطال من قال إنما يجوز ذلك إذا كان له مؤذنان فإن زيادا أذن وحده ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمران بن علي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الأذان قبل الفجر؟
فقال: إذا كان في جماعة فلا وإذا كان وحده فلا بأس والشرط في الرواية حسن لان القصد به الاعلام الاجماع ومع الجماعة لا يحتاج إلى الاعلام للتأهب بخلاف المنفرد لأنه وقت النوم فتقديم الأذان يفيد التنبه والتأهب للصلاة بخلاف غيرها من الصلوات احتج المانع لما رواه بلال أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال له: لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا ومد بيد عرضا ولان الأذان قبل الفجر يفوت الاعلام الدخول فلم يجز كغيرها من الصلوات والجواب عن الأول: أنه حديث ضعيف منقطع قال ابن عبد البر وعن الثاني: بالفرق الذي ذكرناه. فروع: [الأول] يستحب لمن أذن قبل الفجر أن يعيد مع طلوعه وبه قال الشيخ ليحصل فائدة العلم بالقرب من الأول وبالدخول من الثاني ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له أن لنا مؤذنا يؤذن بليل فقال: ان ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة واما السنة فإنه ينادي من طلوع الفجر ولا يكون بين الأذان والإقامة إلا الركعتان. [الثاني] شرط بعض أهل الظاهر أن يكون مؤذنان كبلال وابن أم مكتوم وليس صحيحا لما تقدم في زياد بن الحارث ولان الظاهر (ان) في التقديم ثابت في الصورتين. [الثالث] قال بعضهم يكره الأذان قبل الفجر في رمضان لئلا يترك سحورهم وليس شيئا لقول النبي صلى الله عليه وآله: لا يمنعكم من سحوركم أذان بلال فإنه يؤذن بالليل لينبه نائمكم. [الرابع] ينبغي لمن يؤذن للفجر قبل الوقت أن يجعل لنفسه ضابطا فيؤذن في الليالي كلها في وقت واحد ولا يؤذن في الوقت تارة وقبله أخرى لعدم الفائدتين فإنه يحصل اللبس من قرب الوقت ودخوله وربما امتنع المتحسر من سحوره والمتنفل من عبادته وكذا لا يقدم الأذان كثيرا في بعض الليالي وقليلا في الأخرى فلا يعلم الوقت بأذانه فقد ثبت (فلا يثبت فائدته. * مسألة: ويستحب الأذان في كل موطن سفرا وحضرا ورخص للمسافر في ترك الأذان والاجتزاء بالإقامة لأنه مظنة المشقة وبه قال أكثر أهل العلم وكان ابن عمر يقيم لكل صلاة إقامة إلا الصبح فإنه يؤذن لها ويقيم وكان يقول إنما الأذان على الأمير والامام الذي يجمع الناس لا على الداعي وأشباهه أنه كان لا يقيم للصلاة في أرض يعلم فيها الصلاة. لنا: ما رواه الجمهور أن النبي صلى الله عليه وآله كان يؤذن له في السفر والحضر ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن يحيى الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا أذنت في أرض فلاة وأقمت صلى خلفك صفان من الملائكة وإن أقمت إقامة بغير أذان صلى خلفك صف واحد أما الرخصة في السفر بترك الأذان فلانه مظنة المشقة وخفف عنه بعض الواجب فبعض النفل أولى ويؤيده ما رواه رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال:
سمعته يقول يقصر الأذان في السفر كما يقصر الصلاة يجزي إقامة واحدة وكلام ابن عمر باطل بما قلناه وبما رواه عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله تعجب (يقول) ربك من راعي غنم في رأس الشظية للجبل يؤذن للصلاة ويصلي ويقول الله عز وجل انظروا إلى عبدي هذا يؤذن و يقيم الصلاة يخاف مني قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة وقال سلمان الفارسي (ره) إذا كان الرجل بأرض في فأقام الصلاة صلى خلفه ملكان فإن أذن وأقام صلى خلفه من الملائكة ما لا يرى قطرا يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده ويؤمنون على دعائه. فرع: يكتفي بأذان واحد في المصر إذا كان بحيث يسمعونه ويؤيده ما تقدم في الأحاديث الدالة عليه وبه قال مجاهد والشعبي والنخعي وعكرمة وأصحاب الرأي ولو أذن كل واحد كان أفضل. * مسألة: وينبغي أن يؤذن في أول الوقت وهو قول أهل العلم روى أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: يا بلال اجعل بين أذانك وإقامتك ما يفرغ الآكل من طعامه في مهل ويقضي حاجته في مهل ولا ريب في استحباب الصلاة في أول الوقت ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في حديث ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) وأما السنة فإنه ينادى من من طلوع الفجر ولأنه وضع للاعلام الدخول الوقت ومع التأخير عنه يذهب فضيلة أول الوقت. * مسألة: إذا دخل المسجد وكان الامام ممن لا يقتدى به لم يعتد بأذانه بل يؤذن لنفسه ويقيم وإن صلى خلفه لأنه غير عدل فلا يوثق بأذانه ويؤيده ما رواه عن أبي عبد الله (ع) قال: وإن علم الأذان وأذن به ولم يكن عارفا لم يجز أذانه ولا إقامته ولا يقتدى به فإن خشي فوات الصلاة أقتصر على تكبيرتين وعلى قوله قد قامت الصلاة لان ذلك أهم فصول الإقامة روى معاذ بن كثير عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا دخل الرجل المسجد وهو لا يأتم بصاحبه وقد بقي على الامام آية أو آيتان فخشي إن هو أذن وأقام أن يركع فليقل قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله وليدخل في الصلاة قال الشيخ وروي أنه يقول حي على خير العمل مرتين إلا أنه لم يقل ذلك. فصول في هذا الكتاب: لان حدثنا أهل البيت (عل) وحي على لسان جبرئيل (ع) على رسول الله صلى الله عليه وآله