ليكون إقبال الناس عليه أبلغ. * مسألة: ويجوز أن يكون أعمى بلا خلاف ويستحب أن يكون مبصرا ليأمن الغلط فإن أذن الأعمى استحب أن يكون معه من يسدده ويعرفه دخول الوقت قال ابن مكتوم كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وآله وكان أعمى لا ينادى حتى يقال له أصبحت أصبحت وكان يؤذن بعد أذان بلال ويستحب أن يكون المؤذن بصيرا بالأوقات ليجتنب الغلط فإنه إذا لم يكن عالما ربما أذن في غير وقت الصلاة وقلده غيره ولو أذن الجاهل جاز بلا خلاف لان الأعمى يؤذن فالجاهل أولى. * مسألة: ويستحب أن يجعل المؤذن أصبعه في أذنيه حال الأذان وهو قول الجمهور إلا أحمد فإنه قال: يستحب أن يجعل أصابعه مضمومة على أذنيه. لنا: ما رواه الجمهور عن بلال أنه أذن ووضع أصبعه في أذنيه ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ عن الحسن بن السري عن أبي عبد الله (ع) قال: السنة أن تضع إصبعيك في أذنيك في الأذان احتج أحمد ابن عمر كان إذا بعث مؤذنا يقول له اضمم أصابعك مع كفيك واجعلهما مضمومة على أذنيك والجواب: أمر ابن عمر لا يعارض أقوال النبي صلى الله عليه وآله وأهل البيت (عل) ولو ترك ذلك جاز ولا يستحب ذلك في الإقامة لعدم النقل. * مسألة: ولا يختص الأذان بقوم دون قوم ذهب إليه علماؤنا وقال الشافعي: أحب أن يكون ممن جعل النبي صلى الله عليه وآله فيتم الأذان كان محذورة أسعد. لنا: الأحاديث الدالة على استحباب الأذان فإنها مطلقة والتقييد محتاج إلى دليل ولم يثبت. فروع: [الأول] لو تشاح المؤذنون فيقيم من اجتمع فيه الصفات المرجحة فإن اتفقت في الجميع أقرع بينهم لعدم الأولوية ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وآله: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأولى ثم لم يجدوا إلا أن تسهوا عليه لا تسهوا عليه. [الثاني] قال الشيخ يجوز أن يكون المؤذنون اثنين اثنين إذا أذنوا أذانا واحدا ولو أخذ واحد بعد آخر بمعنى أن يبني كل واحد على فصول الآخر لم يكن مستحبا لان كل واحد منهما لم يؤذن ويجوز أن يؤذن جماعة في وقت واحد كل واحد في زاوية من المسجد وأن يؤذن واحد بعد واحد ولو احتج في الاعلام إلى زيادة على اثنين استحبت. [الثالث] يجوز أن يتولى الأذان واحد والإقامة آخر فقد روي أن أبا عبد الله (ع) كان يقيم بعد أذان غيره ويؤذن ويقيم غيره وان يفارق موضعه ثم يقيم. [الرابع] قيل لا يقيم حتى يأذن له الامام روى الجمهور عن علي (ع) أنه قال: المؤذن أملك بالإقامة. * مسألة: ويكره أن يكون المؤذن لحانا لأنه قد يخل بالمعنى فينصب لفظ رسول الله صلى الله عليه وآله مثلا فيخرج عن كونه خبرا ويخل به المقصود وقد يمد لفظ أكبر فتصير على صيغة إكبار وهو جمع كبر وهو الطبل ويستحب له أن يظهر " الهاء " في لفظي الله والصلاة و " الحاء " من الفلاح لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يؤذن لكم من يدغم الهاء قلنا وكيف يقول؟ قال: اشهد أن لا إله إلا الله اشهد أن محمدا رسول الله ويستحب أن يكون فصيحا ويكره ان يكون الشبع فإن لم يضر به المعنى فلا بأس فقد قيل أن بلالا كان يجعل " الشين " سينا.
[البحث الثالث] فيما يؤذن له، * مسألة: الأذان ليس بواجب في شئ من الصلوات ذهب إليه أكثر علماؤنا وبه قال أبو حنيفة والشافعي ونقل السيد المرتضى في مسائل الطرابلسية عن بعض علماؤنا أن الأذان والإقامة واجبان على الرجال خالصة دون النساء في كل صلاة جماعة في سفر أو حضر ويختار عليهم جماعة وفرادى في الفجر والمغرب وصلاة الجمعة ويجب عليهم الإقامة دون الأذان في باقي الصلوات المكتوبات وذهب بعض أصحاب الشافعي إلى أنهما من فروض الكفاية وبه قال مالك إلا أن مالكا أوجبه في مساجد الجماعة التي يجمع فيها صلاة واحد أوجبه على أهل المصر ولا يجب على المسافرين وقال عطا ومجاهد أنهما واجبان على الأعيان. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال للذي عليه الصلاة: إذا أردت الصلاة فأحسن الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ولم يأمره بالأذان ولو كان واجبا لما أخل به لأنه تأخير للبيان عن وقت الحاجة وهو غير جائز وما رواه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء والأمانة غير واجبة على المؤتمن وما رووه عن علقمة والأسود أنهما قالا دخلنا على عبد الله فصلى بنا بلا أذان ولا إقامة رواه الابرم ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن رجل نسي الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة؟ قال: فليمض في صلاته فإنما الأذان سنة ولان الأصل عدم الوجوب فيقف ثبوته على الشرع ولأنه مما يعم به البلوى فلو كان واجبا لاشتهر وجوبه ولوقوع الانكار بتركه في بعض الأمصار ولأنه دعا إلى الصلاة فأشبه قول المؤذن الصلاة ثلاثا في غير الخمس وقوله الصلاة جماعة عندهم احتج الموجبون له بما رواه مالك بن الحويرث قال أتيت النبي صلى الله عليه وآله انا ورجل نورعه فقال: إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكما وليؤمكما أكبركما والامر للوجوب ولأنه من شعائر الاسلام فأشبه الجهاد واحتج من أوجبه على الكفاية بذلك وعلى الوصف بأن بلالا كان يؤذن النبي صلى الله عليه وآله فيكتفي به قال مالك إنما شرع الأذان في الاسلام لتجتمع الناس إلى الصلاة فيحصل لهم فضيلة الجماعة. والجواب عن الأول: أن الامر هنا للاستحباب لما قلناه ويؤيده الامر بالإمامة وهي غير واجبة، وعن الثاني: بالفرق بين الأصل والفرع لان الأصل وضع للدخول في الدين وهو من أعظم الواجبات فكان الطريق إليه واجبا والأذان وضع للدخول في الجماعة وهي غير واجبة فالأولى بالوسيلة أن لا يكون واجبة. فروع: [الأول] قال الشيخ في المبسوط والسيد المرتضى في بعض كتبه أنهما واجبان في الجماعة وهو قول المفيد (ره) وقول الشيخ في الخلاف أنهما سنتان مؤكدتان على الرجال وهو الأقوى عندي لما تقدم من الأدلة احتج الموجبون بما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أحدهما (ع) قال سألته أيجزي أذان واحد