لو لم يجد إلا ثوب حرير أو جلد ما لا يؤكل لحمه وجلد ميتة لم يصل فيها وصلى عاريا وقال الشيخ في المبسوط فإن لم يجد ثوبا يستر العورة ووجد جلدا طاهرا أو ورقا أو قرطاسا يمكنه أن يستر به عورته وجب وهذا يدل على أن مقصوده بالجلد المذكور جلد ما لا يؤكل لحمه لان جلد ما يؤكل لحمه لا يشترط في لبسه فقدان الثوب ويمكن أن يكون حجته أنه متمكن من الستر وهو شرط فيجب. ولنا: أنه منهي عن الصلاة في هذه الأشياء على الاطلاق فأشبه جلد الميتة عنده أما مع الضرورة إلى لبسه لخوف البرد مثلا فإنه يصلي فيه ولا إعادة عليه. * مسألة: ولو وجد العاري ما يستر به عورته كالوزرة والستر وإلى صلى فيه ولا يجب عليه أن يطرح على عاتقه شيئا ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال الشافعي ومالك وأصحاب الرأي وقال أحمد يجب أن يطرح المصلي على عاتقه شيئا من اللباس. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال: إذا كان الثوب صفيقا فاشدده على حقويك ولان ستر العورة قد حصل فلا يجب عليه الزائد ولأنهما ليسا من العورة فأشبها بقية البدن احتج أحمد بما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يصلي الرجل في الثوب الواحد ليس لها عاتقه شئ منه وعن بريدة قال: نهى النبي صلى الله عليه وآله أن يصلي في لحاف ولا يتوشح به وأن يصلي في سراويل ما ليس عليه داء والجواب: أنه محمول على الاستحباب على أنهما يدلان على ما لا يذهب إليه أحمد لان الأول دل على أن الساتر من الثوب ولم يشترط أحمد والثاني دل التوشيح بالساتر أيضا ولا يشترط أحمد على الرد ولا يشرط جماعة من أصحابه. فروع: [الأول] ستر المنكبين وإن لم يكن واجبا لكنه مستحب أن النبي صلى الله عليه وآله صلى كذلك دائما ويؤيده ما رواه الشيخ عن علي بن حديد عن جميل قال سئل مرازم أبا عبد الله (ع) وأنا حاضر معه عن الرجل الحاضر يصلي في إزار مؤتزرا به قال: يجعل على رقبته منديلا أو عمامة يعودى؟؟ به. [الثاني] لو لم يجد ثوبا يطرحه على عاتقه طرح عليه مهما كان ولو حبلا استحبابا لما رواه الجمهور عن إبراهيم قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إذا لم يجد أحدهم ثوبا ألقى على عاتقه عقالا وصلى ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سأل أبو عبد الله (ع) عن رجل ليس معه إلا سراويل؟ قال: يحل التكة منه فيطرحها على عاتقه ويصلي، قال: فإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليتقلد السيف ويصلي قائما وعن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال: إذا لبس السراويل جعل على عاتقه شيئا ولو حبلا. [الثالث] لا يجب ستر المنكبين إجماعا بل يكتفي في الاستحباب عندنا وفي الوجوب عند المخالف لوضع ثوب على أحد عاتقيه وإن حكى ما تحته. [الرابع] الأقرب الاكتفاء في الاستحباب أو الوجوب عند المخالف مهما أمكن كالحبل وشبهه لما رواه الجمهور عن جابر أنه صلى في ثوب واحد موشحا قال الراوي كأني أنظر إليه كان على عاتقه ذنب فأرة ومن طريق الخاصة رواية ابن بابويه عن الحسين (صل) أنه صلى في ثوب واحد ليس على منكبه منه إلا قدر جناحي الخطاف. [الخامس] لا فرق بين فرائض الصلوات ونوافلها في ذلك لعموم الأخبار الدالة على الاستحباب. * مسألة: قد ذكرنا أن مع انكشاف العورة أو بعضها والتمكن من الاحتراز عنه لو صلى بطلت صلاته لأنه أخل بشرط وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة وأحمد لو انكشف من العورة شئ الستر لم تبطل صلاته لما روى عن عمر بن سلمة الحرمي قال انطلق بي واحدا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في آخر من قومه فعلمهم الصلاة فقالوا يا مسلم أقرؤكم وكنت أقرأهم فقدموني فكتب لأمهم وعلي برده إلى صغير أصغر فكتب إذا سجدت فيها خرجت اسي فقال امرأة من النساء وأورعنا عورة فأريكم فاشتروا في قميصا علمائنا فها فرجت شئ بعد الاسلام فرجى به والجواب أنه عمل بعض الصحابة وقد بينا أنه ليس حجة ولأنه يدل على ظهور عورته المغلظة وأبو حنيفة لا يجوز هذا بل يعتبر فيها ظهور قدر الدرهم فيبطل الصلاة بظهور ما زاد ويعتبر في الحقيقة الربع فما يذهب إليه ليستدل عليه لا يقول به فكيف يصلح له الاستدلال به. * مسألة: يستحب الجماعة للعراة ذهب إليه علماؤنا أجمع وبه قال قتادة وأحمد وقال أبو حنيفة ومالك والأوزاعي يصلون فرادى وبه قال الشافعي في القديم وقال أيضا الجماعة والانفراد سواء وقال مالك ويتباعد بعضهم من بعض وإن كانوا في ظلمة صلوا جماعة و تقدمهم إمامهم. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله قال: صلاة الرجل في الجمع يفضل صلاته وحده سبع وعشرين درجة ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال: الصلاة في جماعة يفضل على صلاة الفرد بأربعة وعشرين درجة يكون خمسة وعشرين صلاة وذلك مطلق في حق العاري والمكتسي؟ فيهما؟ أولهما بمفهومه ولأنه قدر على الصلاة جماعة من غير ضرر فأشبه المستترين. فروع: [الأول] اختلف علماؤنا في كيفية صلاتهم جماعة مع اتفاقهم على أنهم يصلون جلوسا فالذي اختاره الشيخ ان الامام يتقدمهم ركبتيه ويركع ويسجد بالايماء والمأمومون يركعون ويسجدون كالمستترين والذي ارتضاه المفيد والسيد المرتضى أن صلاة المأمومين كصلاة الامام بالايماء في الركوع والسجود احتج بما رواه عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) قوم قطعت عليهم الطريق وأخذت ثيابهم فبقوا عراة وحضرت الصلاة كيف يصنعون؟ فقال: يتقدمهم إمامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيومي الايماء بالركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم وادعى ابن إدريس الاجماع على ما ذهب إليه السيد المرتضى وهو جهل ومسخف والأولى العمل على الرواية لا يقال أنه قد ثبت أن العاري مع جود غيره يصلي بالايماء لأنا نقول إنما يثبت ذلك فيما إذا جاز من المطلع وهو مفقود
(٢٤٠)