إلى جانب المرأة المصلية أو خلفها قولان، أحدهما: الثبوت ذكره الشيخان والآخر: الكراهية واختاره السيد المرتضى (ره) وهو قول الشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة إن اشتركا في الصلاة بطلت صلاة من إلى جانبها والاشتراك عنده ان ينوي الامام إمامتها قال فإن وقفت بين رجلين حينئذ وليس الامام أحدهما بطلت صلاة من إلى جانبيها خاصة ولا تبطل صلاة من إلى جانب من إلى جانبها لأنهما حجباهما عنها وإن صلت إلى جانب الامام بطلت صلاة الجميع لان بطلان صلاة الامام عنده يستلزم بطلان صلاة المأمومين. لنا: عدم التحريم أن الامر مطلق بالصلاة فالتقييد ينافيه والأصل عدمه وعلى الكراهية ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن الرجل يصلي في زاوية الحجرة وامرأته أو ابنته تصلي بحذائه في الزاوية الأخرى قال: لا ينبغي ذلك وإن كان بينهما شبرا أجزأه يعني إذا كان الرجل متقدما للمرأة بشبر وفي الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل والمرأة يصليان جميعا في بيت واحد المرأة عن يمين الرجل بحذاه قال: لا حتى يكون بينهما شبر أو ذراع أو نحوه وعن جميل بن دراج عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يصلي والمرأة تصلي بحذاه؟ قال: لا بأس ولأنها لو وقعت في غير صلاة لم تبطل صلاة الرجل وكذا لو وقعت في الصلاة ولان المحاذاة لا يوجب فساد صلاة المراة فلا يوجب فساد صلاة الرجل وهذا يختص أبا حنيفة ولان فساد الصلاة بترك أركانها أو لوجود ما يناقضها ولم يوجد من الرجل شئ من ذلك ولأنه كان يلزم أنه كلما أرادت المرأة إفساد صلاة الرجل وقعت إلى جانبه أو بين يديه وصلت وذلك ضرر عظيم وحرج كثير ولان ذلك لا تبطل صلاة الجنازة فكذا غيرها احتج الشيخ بإجماع الفرقة على البطلان وبأن شغل الذمة بالصلاة متيقن ومع الصلاة إلى جانب المرأة لا يحصل يقين البراءة وبرواية أبي بصير وقد تقدمت وبما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) أنه سئل عن الرجل له أن يصلي وبين يديه امرأة تصلي؟ قال: لا تصلي حتى يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة أذرع وإن كانت عن يمينه أو يساره جعلت بينهما وبينه مثل ذلك فإن كانت تصلي خلفه فلا بأس وإن كانت تصيب ثوبه وإن كانت المرأة قاعدة أو نائمة أو نائمة في غير صلاة فلا بأس حيث كانت وبما رواه الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: أخروهن الله فأمر بتأخيرهن فمن خالف ذلك وجب أن يبطل صلاته وبهذا احتج أبو حنيفة وبأنه أخطأ الموقف إذ موقفه متقدم على موقفها فتبطل صلاته كما لو أخطأ الموقف في الإمامة فيصلى قدام إمامه. والجواب عن الأول: منع الاجماع مع وجود الخلاف، وعن الثاني:
ان البراءة المتيقنة إنما يكون بفعل ما أمر به قطعا من الأركان والأفعال الواجبة ونحن نقول بحصولها منه، وعن الثالث: أن رواية أبي بصير مع سلامة سندها لا يدل على التحريم وأيضا فإنه قدر فيها البعد بينهما شبرا أو ذراع والشيخ لا يقول به، وعن الرابع: بضعف سندها فإن رواتها فطحية وأيضا نحملها على الكراهية جمعا بين الأدلة، وعن الخامس: انه غير منقول من طرقنا فلا تعويل عليه ولا يصح احتجاج أبي حنيفة به لأنه إذا وجب عليه أن يؤخرها وجب عليها أن يتأخر ولا فرق بينهما بل الأولى أن يقول إن المنهي إنما هو المرأة عن التقدم فإذا لم تبطل صلاتها بفعل ما نهيت عنه فالأولى أن لا تبطل صلاة من يليها وقياس أبي حنيفة باطل لان المأموم إذا تقدم الامام كان واقفا في غير موقف المأموم بمحال وها هنا وقف موقف المأموم بمحال فلم يبطل الصلاة وأيضا عدم التقدم هناك لمعنى مفقود هنا وهو التطلع على أحوال الامام المتتابع. فروع:
[الأول] لو كانت قدامه قائمة أو نائمة أو جالسة أو على أي حال كان وهي غير مصلية لم تبطل الصلاة إجماعا. [الثاني] لو صلت قدامه أو إلى أحد جانبيه وبينهما حائل أو بعد عشرة أذرع فما زاد لم تبطل صلاة واحد منهما إجماعا وكذا لو صلت متأخرة عنه ولو شبرا وتعذر سقط الحد.
[الثالث] لو كان في موضع لا يمكن التباعد صلى الرجل أولا ثم المرأة استحبابا عندنا وعند الشيخ وجوبا روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن المرأة تزامل الرجل في المحمل يصليان جميعا؟ فقال: لا ولكن يصلي الرجل فإذا فرغ صلت المرأة ولو عكس ذلك فصلت المرأة أولا ثم الرجل صحت صلاتهما إجماعا. [الرابع] قال الشيخ في المبسوط لو صلت خلف الامام بطلت صلاة من إلى جانبها ومن يحاذيها ومن إلى خلفها دون غيرهم ولو صلت جنبه بطلت صلاتها وصلاة الامام ولا تبطل صلاة المأمومين ويلزم على مذهبه بطلان صلاة من يحاذيها من ورائها. [الخامس] روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن إمام كان في الظهر فقامت امرأة بجهالة تصلي معه وهي تحسب أنها العصر هل يفسد على ذلك على القوم وما حال المرأة في صلاتها معهم وقد كانت صلت الظهر؟ قال: لا يفسد ذلك على القوم ويعيد المرأة الصلاة ووجه هذه الرواية أن المرأة منهية عن هذا الموقف فيختص بالفساد بها لكنها لما بينا أن ذلك مكروه حملنا ذلك الامر على الاستحباب [البحث الثاني] فيما يجوز الصلاة من المكان، * مسألة: الأمكنة على أربع (خمس) أضرب منها: ما يحرم الصلاة فيه وقد تقدم ومنها: ما يجب (يكره) الصلاة فيه وقد تقدم. ومنها: ما يجب الصلاة فيه وهو موضع واحد لصلاة واحدة وهي ركعتا الطواف في مقامه على ما يأتي و يلحق به الصلاة المنذورة في المواضع المعينة بالنذر. ومنها: ما يستحب الصلاة فيه وهو المساجد ومواطن العبادات. ومنها: ما يجوز الصلاة فيه وهو ما عدا ما ذكرناه قال رسول الله (ص): أعطيت خمسا لم يعطها أحد قبلي جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، ونصرت بالرعب، وأحل إلي المغنم، وأعطيت جوامع الكلم، وأعطيت الشفاعة فيجوز الصلاة في المواضع كلها إلا في المواضع التي خصت بالنهي عن الصلاة فيها. * مسألة:
ولا خلاف بين أهل العلم في أن المكتوبة في المسجد أفضل إلا في الكعبة لما ثبت عن الرسول صلى الله عليه وآله من المواصلة عن ذلك وحثه على